للقياس عليه، وذلك عندنا باطل، ومن وافقنا في تحريمها عللها فقال قوم: العلة هي الشدة المضطربة، ومعناه شراب مسكر، وقال قوم: حرمت بعينها لا لعلة، فالتحريم تعلق عنده بالتسمية لا لمعنى سواه.
وفائدة الخلاف أنه إذا عرف معناها قيس عليها سائر المسكرات ومن لا يعللها لم يقس عليها، غير أنهم قالوا: نقيع التمر والزبيب حرام، لعلة أخرى عندهم، وقد بينا أنا لا نحتاج إلى ذلك لأنا نحرم الجميع بالنص.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخليطين، - والخليطان نبيذ يعمل من لونين تمر وزبيب، تمر وبسر ونحو هذا - فكل ما يعمل من شيئين يسمى خليطين، والنهي عن ذلك نهي كراهة إذا كان حلوا عند قوم، وعند آخرين لا بأس بشرب الخليطين، وهو الصحيح عندنا إذا كان حلوا.
وأما النبيذ في الأوعية فجائز في أي وعاء كان إذا كان زمانا لا تظهر الشدة فيه.
ونهى النبي عليه السلام عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت وقال: انبذوا في الأدم فإنها توكأ وتعلق - أما الدباء فالقرع متى قطع رأسها بقيت كالجرة ينبذ فيها، وأما الحنتم فالجرة الصغيرة، والنقير خشبة تنقر وتخرط كالبرنية، والمزفت ما قير بالزفت، كل هذا النهي عنه لأجل الظروف، فإنها تكون في الأرض وتسرع الشدة إليها.
ثم أباح هذا كله بما روي عن أبي بريدة عن أبيه أن النبي عليه وآله السلام قال:
نهيتكم عن ثلاث وأنا آمركم بهن، نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن زيارتها تذكرة، ونهيتكم عن الأشربة أن تشربوا إلا في ظرف الأدم فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تأكلوها بعد ثلاث فكلوا واستمتعوا.
وهذا الخبر يستدل به من يقول بتحليل النبيذ، ويقول: نهى النبي عليه السلام عنها ومعلوم أنه ما نهى وهي حلوة، ثبت أنه إنما نهى وهي شديدة، ثم أباح بعد ذلك.
والجواب أنه عليه وآله السلام إنما نهى عن الظروف دون ما فيها، لأنه قال: