لأن الولي اختار ذلك، فيقدم القطع في حق الآدميين أبدا كرجل قطع يد رجل وسرق، فإنا نقدم القصاص على القطع في السرقة كذلك هاهنا.
إذا قطع يد رجل وقتله في المحاربة، قطع ثم قتل، وهكذا لو وجب عليه قصاص فيما دون النفس ثم أخذ المال، اقتص منه ثم قطع من خلاف بأخذ المال، وقال قوم: إذا قطع ثم قتل قتل ولم يقطع، وإن قطع يسار رجل ثم أخذ المال في المحاربة سقط القطع قصاصا وقطع بأخذ المال والصحيح الأول.
إذا مات قطاع الطريق قبل إقامة الحد عليهم لا يصلبون لأنه قد فات بالموت و لله فيه المشيئة في الآخرة إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، وقيل: إن الذي فعله النبي عليه وآله السلام بالعرنيين من قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة حتى ماتوا منسوخ، وأن الآية نزلت بعد قصة العرنيين، فحكم الله في قطاع الطريق بما ذكرناه، فبطل قول من قال: المراد بها المرتدون.
الحقوق التي تجب على المحارب على ثلاثة أضرب: حق يختص بالمحاربة، وحق لا يختص بها، ومختلف فيها.
فأما ما يختص به، تحتم القتل والصلب وقطع الرجل.
وما لا يختص به فعلى ضربين: حق لله تعالى كحد الشراب واللواط والزنى، وحق الآدمي كالقصاص وحد القذف وإتلاف الأموال.
وما اختلف فيه فهو قطع اليد قيل فيه قطعها من الأحكام المختصة بالمحاربة لقوله تعالى: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " إلى قوله " من خلاف " فوصفهم بالمحاربة وأمر بقطعهم من خلاف، وقال بعضهم: إن قطع اليد من الحدود التي لا تجب لأجل المحاربة، والأول أقوى عندنا لظاهر الآية.
فإذا تقررت أقسام الحقوق فالكلام بعد هذا فيما يسقط منها، وما لا يقسط، وجملته أنه لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يقدر عليه قبل التوبة أو بعدها.
فإن قدر عليه قبل التوبة لم يسقط شئ منها بحال، لقوله: " إلا الذين تابوا من