وأخاف السبيل لقطع الطريق، والذي رواه أصحابنا أن المراد بها كل من شهر السلاح وأخاف الناس في بر كانوا أو في بحر، وفي البنيان أو في الصحراء، ورووا أن اللص أيضا محارب، وفي بعض رواياتنا أن المراد بها قطاع الطريق كما قال الفقهاء.
فمن قال المراد بها قطاع الطريق، اختلفوا في أحكامهم وكيفية عقوبتهم.
فقال قوم: إذا شهر السلاح وأخاف السبيل لقطع الطريق، كان حكمه متى ظفر به الإمام التعزير، وهو أن ينفى عن بلده ويحبس في غيره، وفيهم من قال:
يحبس في غيره، وهذا مذهبنا، غير أن أصحابنا رووا أنه لا يقر في بلده وينفى عن بلاد الإسلام كلها فإن قصد بلاد الشرك قيل لهم لا تمكنوه، فإن مكنوه قوتلوا عليه حتى يستوحش فيتوب.
وإن قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا، والقتل يتحتم عليهم، ولا يجوز العفو عنهم وإنما يكون متحتما إذا كان قصده من القتل أخذ المال، وأما إن قتل رجلا لغير هذا فالقود واجب غير متحتم، وإن قتل وأخذ المال قتل وصلب، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف.
فمتى ارتكبوا شيئا من هذا نفوا من الأرض، ونفيهم أن يتبعهم أينما حلوا كان في طلبهم، فإذا قدر عليهم أقام عليهم الحدود التي ذكرناها، وقال قوم: الإمام مخير فيه بين أربعة أشياء: بين أن يقطع يده، ورجله من خلاف، ويقتل أو يقطع من خلاف ويصلب، وإن شاء قتل ولم يقطع، وإن شاء صلب ولم يقطع، والأول مذهبنا، ونشرحه:
فصل شرحه:
وجملته أن من شهر السلاح وأخاف السبيل لقطع الطريق، فإنه يعزر لذلك على ما قلناه، وإذا قتل غسل وكفن وصلي عليه كسائر الأموات.
فأما الصلب فإنه تضرب رقبته أولا ثم يصلب ثلاثا لا أكثر منه، وينزل ويغسل ويكفن ويصلى عليه، وقال بعض الصحابة: لا ينزل ويترك حتى يسيل صديدا، و قال بعضهم: يصلب حيا ويترك حتى يموت، ومنهم من قال: يصلب حيا ويبعج