قبل أن تقدروا عليهم " فجعل من شرط سقوطها التوبة قبل القدرة، فلم يوجد الشرط.
وأما إن قدر عليه بعد التوبة فكل حق وجب لأجل المحاربة سقط بمجرد التوبة وهو انحتام القتل والصلب وقطع الرجل لقوله: " إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم " وهؤلاء تابوا قبل القدرة وأما حقوق الآدميين فلا تسقط وضمان الأموال ليست بآثام.
وأما الحدود الواجبة عليه لا لأجل المحاربة، كحد الزنى والشرب واللواط، فهل تسقط بمجرد التوبة أم لا؟ قال قوم: تسقط بمجرد التوبة، كانحتام القتل والصلب وقطع الرجل، وقال آخرون: لا تسقط بمجرد التوبة كالقصاص وحد القذف والأول يقتضيه مذهبنا.
وأما قطع اليد، فمن قال: من حدود المحاربة، قال: يسقط بمجرد التوبة وهو الذي اخترناه، ومن قال: هو كالقطع بالسرقة فهل يسقط بمجرد التوبة؟ على ما مضى قال قوم: يسقط، وقال آخرون: لا يسقط، فأما غيرهم فكل من أتى ما يوجب الحد ثم تاب وصلح عمله، فظاهر رواياتنا تدل على أنه يسقط، وقال قوم: لا يسقط.
إذا شهد شاهدان أن هؤلاء قطعوا الطريق علينا وعلى القافلة قاتلونا وأخذوا متاعنا، لم تقبل هذه الشهادة في حق أنفسهما لأنهما شهدا لأنفسهما، ولا تقبل شهادة الإنسان لنفسه، ولا تقبل شهادتهما للقافلة أيضا لأنهما قد أبانا عن العداوة، وشهادة العدو لا تقبل على عدوه.
وهكذا لو شهدا على رجل فقالا: هذا قذفنا وقذف زيدا، لم تقبل شهادتهما لأنفسهما، ولا لزيد لما مضى، فإن شهدا بأن هؤلاء قطعوا الطريق على هؤلاء وهذا قذف زيدا، قبلت الشهادة لأنهما شهدا بالحق مطلقا على وجه لا ترد به شهادتهما، وليس للحاكم أن يسأل الشهود هل قطعوا الطريق عليكم مع هؤلاء أم لا؟ وهل قذفكما هذا مع قذفه زيدا أم لا؟ لأن الحاكم لا يبحث عن شئ مما يشهد به