يحد ويقطع، وقال آخرون: يحد الزاني ولا يقطع السارق، والأقوى عندي أنه لا يحد في الزنى ولا يقطع في السرقة إن كان المسروق منه غائبا أو صاحب الأمة، لأن السلعة تستباح بالإباحة فيمكن أن يكون أباحها، وكذلك الجارية عندنا يجوز أن يكون أحلها له هذا إذا كان ثبوته بالبينة.
فأما إن كان ثبوته بالاعتراف، فأقر بسرقة نصاب من الغائب من الحرز، أو زنا بجاريته، ففيه الثلاث أقاويل بأعيانها، والأقوى عندي هاهنا أن يقام عليه الحد فيهما للآية والخبر.
فمن قال: يقطع فلا كلام، ومن قال: لا يقطع.
منهم من قال: يحبس حتى يحضر الغائب بكل حال، سواء كانت العين التي سرقها موجودة أو مفقودة، فإن كانت مفقودة ففي ذمته حق قد ثبت لغائب، فيحبس حتى يحضر، وإن كانت العين قائمة أخذت منه وحبس في القطع.
ومنهم من قال: إن كانت العين تالفة حبس لأجل ما في ذمته، وإن كانت قائمة أخذت منه ونظرت في مسافة الغائب: فإن كانت قريبة حبس، وإن كانت بعيدة أطلق لئلا يطول حبسه فيعظم الإضرار به.
إذا ادعي على رجل أنه سرق من حرزه نصابا ربع دينار فصاعدا وأقام بذلك شاهدين عدلين.
فإن قال المشهود عليه: ما سرقت، لم يلتفت إلى قوله لأنه يكذب الشهود، وإذا كذبهم سقط تكذيبه، واستوفى الحق منه.
فإن قال: فأحلفوا لي المدعي أني سرقت منه، لم يلتفت إليه، لأن الشهود قد شهدوا للمدعي بأنه سرق، وقوله: أحلفوا لي، مع شهوده قدح في الشهود، وطعن فيهم فلا يلتفت إليه.
فإن قال: صدق الشهود في السرقة، وقد أخذت هذا من حرزه على سبيل الاستخفاء غير أني أخذته بحق لي فإن هذه العين غصبنيها أو باعنيها وسلمت ثمنها فمنعني أو وهبها مني وأذن لي في قبضها فسرقتها منه، قلنا: هذه دعوى مستأنفة