وإن كان المقر اثنين فأقام أحدهما على الإقرار ورجع الآخر عنه، أقمنا الحد على من لم يرجع ولم نقمه على من قد رجع.
فإذا ثبت هذا فمتى أتى ما يوجب حد الله كالقطع في السرقة والحد بالزنى وشرب الخمر.
فإن كان من وجب عليه الحد غير معروف به ولا معلوم منه، لكنه يسره ويخفيه فالمستحب له أن يتوب عنه ولا يقر به، وعليه رد السرقة لقوله عليه وآله السلام: من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستره بستر الله فإن من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حد الله.
وإن كان قد اشتهر بذلك وشاع وذاع عنه، فالمستحب له أن يحضر عند الحاكم فيعترف به لأنه إذا كان مشهورا بذلك واعترف به أقمنا عليه الحد وكان كفارة له، لأن الحدود كفارات لأهلها، ويقوى في نفسي أن يتوب سرا ولا يعترف أصلا لعموم الخبر.
فأما إن جحد وأنكر فأقام المدعي بينة لم يقبل منه إلا شاهدين ذكرين لأنه كالقصاص.
وكيفية إقامتها هو أن يقول الشاهدان بمحضر من السارق والمسروق منه: هذا سرق من هذا نصابا، ولا بد من صفة الحرز، وذكر جنس النصاب وقدره، لأن النصاب مختلف فيه، فلم يكن بد من ذكر النصاب بعينه كي لا يقطع بما يعتقد مذهبا له ثم يبين غيره، وكذلك الحرز لأنه مختلف فيه، فإذا قامت البينة هكذا قطع.
وإن كان المسروق منه غائبا وله وكيل حاضر يطالب له بماله لم تقبل الشهادة حتى يقول: هذا سرق من حرز فلان بن فلان - ويرفع في نسبه إلى حيث لا يشاركه غيره فيه - وإن هذا وكيل الغائب، فإذا قامت هكذا وطالب الوكيل بالسرقة قطع وأغرم.
فأما إن قامت البينة ابتداء عليه وليس للغائب وكيل بذلك، وقامت على ما فصلناه بالسرقة أو بأنه زنا بأخته، قال قوم: لا يقطع ولا يحد معا، وقال آخرون: