أولاها: أن يطلقها قبل أن خرجت من منزلها، فعليها أن تعتد في ذلك المنزل، لأن الطلاق صادفها وهي مقيمة فيه.
الثانية: أن تفارق المنزل ولم تفارق بنيان البلد ثم طلقها، قيل فيه وجهان:
أحدهما أنها بالخيار بين أن تعود إلى المنزل الأول فتعتد فيه، وبين أن تنتقل إلى البلد الآخر، والوجه الآخر عليها أن تعود إلى منزلها الأول وتعتد فيه، لأنها ما لم تفارق البلد فهي في حكم المقيمة، وهو الأقوى.
الثالثة: أن تفارق بنيان البلد ثم طلقها ففيه مسألتان: إحديهما أن تكون أذن لها في الحج أو الزيارة أو النزهة ولم يأذن في إقامة مدة مقدرة، والثانية أذن لها في إقامة مدة مقدرة.
فأما إذا طلق ولم يقدر فيه مدة ففارقت البلد ثم طلقها، فإنه لا يلزمها العود إلى منزلها، فإنه ربما كان الطريق مخوفا وتنقطع عن الرفقة، فإن أرادت العود كان لها وتعتد في منزلها، وإن نفذت في وجهها فإن كان أذن لها في الحج فإذا قضت حجها لم يجز لها أن تقيم بعد قضائه، وإن كان أذن لها في النزهة أو الزيارة فلها أن تقيم ثلاثة أيام، فإذا مضت الثلاث أو قضت حجها فإن لم تجد رفقة تعود معهم وخافت في الطريق فلها أن تقيم لأن ذلك عذر، وإن وجدت رفقة وكانت الطريق آمنا فإن علمت من حالها أنها إذا عادت إلى البلد أمكنها أن تقضي ما بقي من عدتها لزمها ذلك، وإن كانت لا تتمكن من ذلك، قال بعضهم: لا يلزمها العود بل لها أن تقيم في موضعها، وقال آخرون: إنه يلزمها العود، لأنها مأمورة بالعود غير مأمورة بالإقامة، وهو الأقوى عندي.
وأما إذا كان قد أذن لها في أن تقيم بالبلد الآخر مدة معينة شهرا أو شهرين أو ثلاثة ففارقت بنيان بلدها، ثم طلقها فإنه إن كان طلقها قبل أن وصلت إلى البلد الآخر فهي بين منزلين، فيكون الحكم فيه كما لو أمرها بالانتقال من دار إلى دار ثم طلقها بين الدارين وقد مضى حكمها، وإن كانت وصلت إلى البلد الآخر ثم طلقها فلها أن تقيم ثلاثة أيام.