شعور له بغيره، ولذلك كان طلبها بلسان الاستعداد الغير المجعول، فأذعنت خاضعة لأمرك وقبلت ذلك المراد من التجلي المخصوص المقتضى للآثار المخصوصة، وقهرتها أنت بالقهر الذاتي بحيطتي علمك الذاتي الذي هو الذكر والمذكور، وقدرتك الذاتية التي هي امرك المطاع المزبور لها، أي لتلك الماهيات الممكنة، فلعلمك بها على ما هي عليه وعدم استعدادها لما فوق ما قبلته من الكمال، انقهرت انقهارا ذاتيا بالعجز والنقصان، فانقادت لحكمك على اختلاف قابلياتها انقيادا ذاتيا لا يشوبه اضطراب - لعلمه الذاتي بعدم قابليتها لما فوقه - 439 - 5 وهذا في الوجود كانقياد الاتوني لما هو فيه وعدم تشوقه لمرتبة السلطان، فإذا ظهر الضمائر يوم تبلى السرائر يظهر ان: كل حزب بما لديهم فرحون (32 - الروم) وأريت - أي أعلمت أو أبصرت - ما شئت منها مشيئتك منها ترتب حكمك عليها بالوجود الإلهي ولوازمه المناسبة بحسب ما يستدعيه استعدادها وعلى قدر ذلك. فاعترفت بعد لك لوجدان كل منها ما يقبله ويطلبه بلسان استعداده، والعدل وضع كل شئ في محله واعطائه ما يليق به من العدل في القسمة، لا من التعادل - أي التساوي - ان الله لا يظلم مثقال ذرة (40 - النساء).
440 - 5 ف (ما) (1) على هذا مصدرية والحكم عام للحقائق، ويجوز ان يراد بما شئت حقيقة الانسان الكامل قصدا بما إلى الوصف، أي أريت الحقيقة الكاملة منها، أو إلى معنى (من) كما وجه بهما قوله تعالى: والسماء وما بناها (5 - الشمس) وذلك تنزيلا للعبد الكامل منزلة من لا اختيار له، وشأن الكامل تلاشى اختياره في اختيار الحق سبحانه ويترتب عليه بالتوجيهين.
441 - 5 وغمرتها، أي سترت وعممت الحقائق مطلقا، أو الحقيقة الكاملة الانسانية ظاهرها وباطنها بالرحمة والاحسان الذاتيين، لان كلا من الرحمة الوجودية العامة والاحسان الخاص الكمالي مقتضى ذات التجلي الاحدى النفسي باقتضاء واحد تتفاوت لتفاوت القابليات الحاصلة بالفيض الأقدس، اللذين لا تعرف لهما موجبا من جهتهما. فان الحقائق مطلقا أو الحقيقة الكاملة انما قبلهما بما حصل من الفيض الأقدس الذي لا يعلل