76 - 5 وتوضيحه بما مر نقله من التفسير مرة: ان سر أحدية الجمع من حيث نسبة الإرادة - وهو السر الحبى - له السلطنة في أمر الظهور، فلم يخل من حكم قهري هو من لوازم المحبة والغيرة التابعة للأحدية، فتعلق الحكم الاحدى القهري بالكثرة من حيث ما ينافيها عزا وأنفة من مجاورة الكثرة لها - لكن بعد ظهور تعيناتها - فاقتضى الامر تميز مقام الوحدة عن الكثرة التي دونها في المرتبة، لان تأثير الشئ في نفسه من حيث وحدته وبساطته غير ممكن.
77 - 5 ولما لم تكن في الغيب الإلهي تعدد وجودي، كان هذا التعدد معنويا من حيث النسب، فسرى الحكم الاحدى في النسبة العلمية بالشروع في تحصيل المقصود الذي هو اظهار عينه، فانقسم الغيب الإلهي شطرين وانفصلت في أحد الشطرين نسبة الوحدة التي يستند إليها الكثرة من حيث احكامها المتعددة، فتعينت مرتبة الاسم الظاهر بالانفصال من حضرة الغيب، فتعين التعين لنفسه وللمتعين به قبل ان يظهر التعدد للمعدود. وبقى الشطر الاخر في مقام عزه الاحمى وكماله المنزه عن القيود ما عدا التعلق الاجمالي المشار إليه، وتسميته شطرا ليس لتعينه في نفسه بل لما تعين منه شطر صار دليلا عليه.
78 - 5 ثم إنه لا بد من حافظ يحفظ الحد الفاصل بين الشطرين ويمنع المنفصل من الاتحاد بأصله ليبقى الاسم الظاهر واحكامه على الدوام، فان الأشياء تحن إلى أصولها، فكانت الأحدية نعت ذلك الحد المشار إليه، فهو معقول غيبي لا يظهر أصلا، ثم الحافظ لهذا الحد هو الحق لكن من حيث باطن الاسم الظاهر والنسبة الجامعة بين الظاهر والباطن، وتلك الحقيقة الحافظة - أي التي يحفظ الحق الحد من حيثها - مرتبة الانسان الكامل الذي هو برزخ بين الغيب والشهادة ومرآة يظهر فيها حقيقة العبودية والسيادة، واسم المرتبة بلسان الشرع العماء ونعتها الأحدية، والصفات المتعينة فيها بمجموعها الأسماء الذاتية، والصورة المعقولة