806 - 4 فان قلت: إذا أريد بكتابة القلم توسطه في الايجاد، فما معنى قوله: اكتب ما كان، ولم يتقدم عليه كون في قول أو لم يتوسط المهيمة بحسب قول آخر؟
807 - 4 قلت: معناه - والله أعلم - ما في رواية أخرى وهو: اكتب علمي في خلقي ما هو كائن إلى يوم القيام، فالمراد بما كان ما في الحضرة العلمية مما سيشم رائحة الوجود، فعطف وما سيكون اما من قبيل: أعجبني زيد وكرمه (1)، أو من قبيل: إلى الملك القرم وابن الهمام.
808 - 4 هذا بيان كون القلم صورة النسب الأسمائية، واما كونه مظهرا للاسم المدبر، فذلك كما مر من وجهه الثاني الناظر إلى تفصيل ما يأخذه مجملا إلى اللوح المحفوظ، فان التدبير اجماله التأثير بحيث يفيض منه تفصيله، وقد مر أيضا انه بهذا الوجه هو المراد بنفس محمد صلى الله عليه وآله في قوله: والذي نفس محمد بيده، كما أنه بالوجه الأول - وهو الوجه الاخذ عن الحق تعالى بلا واسطة - عقله عليه وآله السلام، وبالوجه الثالث - وهو وجه كونه منسوبا إلى مظهرية التجلي الأول في نفسه - هو حقيقة الروح الأعظم المحمدي.
809 - 4 ويناسبه ما ذكره في قوله تعالى: يدبر الامر من السماء إلى الأرض - ان معناه:
يدبر الامر باظهاره في اللوح فينزل به الملك - ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون (5 - السجدة) أي في زمان متطاول، إذ الزمان المذكور مدة كلا النزول والعروج على ما قيل: بين السماء والأرض مسيرة خمس مائة عام، أو المراد يوم القيامة كما قال تعالى: وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون (47 - الحج) فالتدبير إلى آخر الدنيا والمراد بالعروج إليه العرض عليه، أو معناه: يدبر المأمور به من السماء بالوحي ثم لا يعرج إليه كما يرتضيه الا في مدة متطاولة لقلة المخلص والعمل الخالص.
810 - 4 ثم نقول: واللوح المحفوظ مظهر الاسم المفصل، لأنه النفس الكل وكل نفس تحته رشح منه وشعاع من أشعته، فله تفصيل، كالتدبير برقائق تلك الجزئيات، فالعالم