لأنهما مظهر ان للإرادة والقدرة، وهما بحيث لا يتعين صفة القول والكلام الذي به التأثير الا بمقارعتهما - كما علم - لكن قد سبق وجه ذلك - في الجملة ان غلبة حكم الوحدة والاجمال على الحياة والعلم وغلبة اثر الكثرة والتفصيل على الإرادة والقدرة - لتوقف تعينهما على التميز - كان الفعل منسوبا إلى مظهري الأولين من أركان الهباء، وجعل الانفعال منسوبا إلى مظهري القدرة والإرادة منها - وان لم ينفصل كل عن كل في الطبيعة التي هي نتيجة امتزاجها - 816 - 4 ثم نقول: ولما كانت المظهرية تارة بالواسطة واخرى لا بها، جاز ان يعتبر الأجسام مظاهر للأرواح والأسماء، لكن الأسماء إذا نسبت إلى مظاهر الأرواح يسمى اسرارها، لذا قلنا: روح العرش القلم الاعلى، لأنه مظهر القلم بتأثيره العام كما مر، ولوازمه من الإحاطة حسب الاقتضاء، ومن الوحدة والوجوب بالغير والدوام، وسر روح العرش الاسم الرحمن المستوى عليه بمعانيه السابقة، وذلك لأنه اسم الحق تعالى باعتبار الوجود العام المفاض منه وهو المراد بقول الشيخ قدس سره: انه اسم لصورة الوجود الإلهي من حيث ظهوره لنفسه، وهو الرحمة العامة المحيطة التي لا يفوتها موجود، ونسبته إلى العرش وروحه بمظهريته من حيث الإحاطة بالتأثير وغير ذلك مما عددنا، لا من حيث نسبة الوجود إليه فقط.
817 - 4 ثم نقول: وروح الكرسي الكريم النفس الكلية المسماة باللوح، لان تعلق النفس انما هو بالتدبير التفصيلي، وذلك لا يتصور الا لماله تفصيل وكثرة من الأجسام، كالكرسي المشتمل بكواكبه التي لا تحصى جزئياتها والف ومائة واحد وعشرون كلياتها المرصودة على مظهريات الأسماء بحسبها والمشتمل ببروجه، ان اعتبرت أجناس صورها المتوهمة فيه على مظهريات الكلمتين، المعتبرة كل منهما في الخبر والاحكام الخمسة التكليفية.
818 - 4 فان قلت: قد مر ان البروج تعتبر في العرش أيضا، اما باعتبار ان رتبة