ما يبدو من الأجسام والاعراض التي يحتوى المحدد عليهما حتى صارت محكومة للزمان، لما تقرر في القواعد: ان كل صورة ما يحل في محل صوري أو معنوي يكون تحت حكمه ولا يظهر الا بحسبه، والله أعلم واحكم. إلى هنا كلامه.
735 - 4 قال الشيخ الكبير قدس سره: ومعنى قولنا: خلق الله في هذه الأكر (1) عالم كذا وعمرها بكذا، انه هيأ فيها مراتب خلقها وكون فيها أجسامها النورية واعدها لقبول الأرواح والحيوة، واسرار هذا الاستعداد في الأفلاك الأربعة الثابتة. ولكل من الأفلاك دورة قسرية فصل مكانه من الجسم الكل وظهر الهواء بينه وبين فلك فوقه.
736 - 4 ثم توجه الحق سبحانه على هذه السماوات والأرض وما بينهما بخلق الأرواح في صورها المعبر عنه بالنفخ، فقبلت الأرواح على قدر استعدادها، فإذا وفت الطبيعة ما في قوتها مما جبلها الله عليه وحصل المنع في الأركان عن القبول، عادت آثارها حركات الأفلاك عليها لما لم تجد ما ينفذ، فتصادمت تصادم الاشخاص فانفظرت ورجعت إلى أصل المبدأ، وجعل الله حركات هذه الأفلاك كلها على طريقة واحدة من الشرق إلى الغرب - كحركات الأفلاك الثابتة - بخلاف ما يقوله أصحاب علم الهيئة، فيجعلون حركاتها (2) من الغرب إلى الشرق لما يرون من تأخرها وليس الامر كذلك، ولكن حركة فلك الكواكب على مقدار يعطيه تركيبه وطبعه من السرعة وبقدر قوته من الوزن المعلوم الذي قدره خالقه، فيظهر تأخر صحيح - كما للقمر - وليس بتأخر حركة ضدية تقابله، ومن قال به فما عنده علم ولم يقع من الحق في شئ.
737 - 4 وقد جعل سبحانه لتوجهات الملكين الكريمين المعبر عنهما بالقلم واللوح مدخلا فيه وسكتنا فيه عن تحقيق الأسباب لئلا يتخيل انا نجعل الفعل لغير الله تعالى أو نجعله لله بمشاركته السبب، فلسنا من أهل هذين المذهبين، بل لأسباب عادية ان شاء جعلها أسبابا