بعد ما عرض عليه الفرغاني ديباجة شرحه قررها والحق بها فصلا ناطقا باستحسانه، فذلك مما يصح متمسكا في هذا التوفيق. والله أعلم بمراده ومراد أهل التحقيق.
610 - 4 ثم لاشتمال كلام كل من الشارحين في تعينهما على علوم جمة واسرار مهمة، رأينا ان ننقلهما بنوع من الانتخاب.
611 - 4 اما كلام الشيخ الجندي: فهو ان الطبيعة التي هي القوة الفعالة للصورة الطبيعية، ظاهرية الإلهية والإلهية باطنيتها وهويتها، وهى أحدية الجمع الحقائق الفعلية الوجوبية، والله هو الفاعل للأفعال كلها، فأول صورة وجدت في المادة العمائية الكونية كانت طبيعة واحدة جامعة للقوى الفعالة والمواد المنفعلة في أحدية جمعها الذاتية، وإليه الإشارة بقوله: أول ما خلق الله الدرة وهى حقيقة الجسم الكلى على أحد معنييها، فطرحت التجليات الأسمائية والأنوار الربانية أشعتها عليها فحللتها فذابت حياء وانحلت ماء، فاستوى عليه عرش الحياة، فألحت (1) عليه حرارة التجليات المتوالية فتبخر جوهر الماء على صورة الهواء، فصعد بخار عمائي احاطي إحدى جمعي، فاتصل بنور التجلي البسيط والمتجلى المحيط، فصار فلكا محيطا وحدانيا بسيطا وجذب نور الرحمن المستوى عليه بالرحمة والجود، فتكون منه الفلك الأعظم وفيه فلك العرش في أعاليه ويسمى فلك الأفلاك وهو اطلس وحداني وجوهر أبدى ومستوى رحماني على طبيعة أحدية جمعية بين حقائق أربع هي خامستها، وذلك قبل وجود التنافر والتنافي، وإحاطته من إحاطة المستوى عليه وهو نفس الرحمان، فالكلمة في العرش من نفس الرحمن واحدة هي الامر الإلهي لإيجاد الكائنات.
612 - 4 ثم قال: وفي جوف فلك العرش فلك الكرسي كحلقة ملقاة في ارض فلاة،