السعة والاطلاق والعظمة، وقد قال أكمل الخلق عليه وآله السلام - لما سئل عن رؤيته -:
نوراني أراه؟ وقال: لا احصى ثناء عليك، لا أبلغ كل ما فيك. وقال تعالى منبها على ذلك:
ويحذركم الله نفسه (28 - آل عمران) وما أوتيتم من العلم الا قليلا (85 - الاسراء) فما ظنك بما ليس يعلم؟ وقال عيسى عليه السلام: ولا اعلم ما في نفسك (116 - المائدة) وهو روح الله ومن المقربين باخبار الله وأقرب الأشياء إليه لنسبة روحه إليه.
136 - 4 ولهذا نهى الناس عن الخوض في ذات الله تعالى، وقد سلف قوله قدس سره:
وعن كنه ربك فلا تسأل... إلى قوله: فما بعد العشية من عرار. هذا ما في التفسير.
137 - 4 اما الذي يفهم من النفحات فهو ان الفرق بنفس الإحاطة وعدمها في غير الكمل، اما فيهم: فالفرق بدوام الإحاطة وبالتقدم وكمال الانبساط لا غير، وهو الوجه الثالث لمعنى الجهل، أعني عدم دوام الإحاطة وعدم كمال الانبساط، حيث قال فيه: اعلم أن أكمل العلوم وأتمها مضاهاة لعلم الحق لا يحصل الا لمن خلت ذاته عن كل صفة ونقش، واستقر في حاق النقطة العظمى الجامعة للمراتب كلها والوجودات والاعتدال الحقيقي المحيط بالاعتدالات المعنوية والروحانية والمثالية والحسية، فتحقق بالاطلاق الكمالي الإلهي والتعين الأول الذي قلنا إنه محتد التعينات حتى صارت ذاته كالمرآة لكل شئ من حق وخلق ينطبع فيه كل معلوم كان ما كان، ويتعين في مراتيته بعين تعينه في نفسه وفي علم الحق، لا يتجدد له تعين آخر مطابق لتعينه الأول أو غير مطابق، وهذا العلم هو أشرف العلوم وأكملها، ولا يمتاز علم الحق عن هذا العلم الا بالتقدم ودوام الإحاطة وكمال الانبساط مع الانسحاب - لا غير -.
138 - 4 ويلي هذه المرتبة العلمية العلم بان يستجلى المعلوم في نفسه ويتعين لديه صورة تامة المضاهاة لتعينه الأول الثابت لذلك المعلوم في علم الحق أزلا دون انصياع المعلوم بخاصية واسطة ما، وهذا هي صورة علم العقل الأول بالحق وبنفسه وبما أودع ربه فيه من علمه سبحانه بالعالم المقدر الوجود إلى يوم القيامة.