فإنه ليس من العدل الأتم ان تخص بالسعادة الباطنة الأخروية طائفة يصفو لهم الدنيا دون كدر ولا تبعة ويحرم آخرون كل ذلك من كل وجه، مع صحة ان هذه الدار دار الجمع الأتم، ومع صحة ان كل شئ فيه كل شئ لا محالة فأين الجمع حينئذ؟ واما التعطيل فمحال، فلا بد من ضرب ما من المزج من كل شئ بالفعل لا بالقوة وبالوجوب لا بالامكان، وكل شئ بالفعل هو الانسان الكامل من حيث بعض مراتبه، فيظهر فيه كل شئ ولو من جهة احكامه الكلية، فإنه الأنموذج الجامع، ومن المقام الذي هذا لسانه يعرف سر مآل الخلق إلى الرحمة دون تخصيص واستثناء - فهذا برهانه -.
149 - 4 وحديث: ان المحن انما كانت لمزيد الترقيات ورفع الدرجات ونيل ما قدر ان لا ينال الا بعوض هو المرض أو غيره من المحن، فهذا وإن كان داخلا في دائرة الجمع لكن ليس هو السبب الحقيقي ولا الغاية المقصودة، ومن اقتصر على هذا فهو من القاصرين والجاهلين بكنه الامر وجلية الحال. تم كلامه - والله أعلم -.
الأصل الرابع فيما يتوقف عليه ويتسبب عنه ظهور الحكم الجمعي الذي هو الوجود العيني وهو النسبة المسماة بالاجتماع 150 - 4 لان الوجود العيني كما مر صورة النسبة الاجتماعية، فالموجودات بأسرها صور التجليات الإلهية المتعينة بالأسماء الربانية حسب المراتب العبدانية، ثم الاجتماع وحكمه انما يظهر ويتعين من أمرين وبهما:
151 - 4 أحدهما اجمالي عام، أي كلي شامل لجميع وجوهه وهو ما مر من الطلب الكامن في الحضرة الإلهية الفاعلية والكونية القابلية بالفروق السالفة، وهذا هو ما قال في التفسير، فعموما بين الإرادة الكلية الإلهية وبين الطلب والقبول الاستعدادي من الأعيان الممكنة،