670 - 3 فان قلت: أي حاجة إلى الآلة؟ لما صح له ان يفعل بلا آلة - كما لنفس الآلة - قال تعالى: فعال لما يريد (16 - البروج) أي في مرتبتي الاطلاق والتقييد؟
671 - 3 قلت: إذا ارادته تابع لعلمه وحكمته، ومقتضى حكمته ان يضع كل شئ في موضعه ويعطى كلا من نسبتي الوحدة والكثرة ما يقتضيه، وكما يقتضى حكمته لوحدته الاطلاقية الذاتية ان يكون ما يصدر عنه بلا واسطة واحدا، وما يصدر بواسطة ذلك الواحد ان يغلب عليه جهة الوحدة متدرجا إلى أن يغلب عليه جهة الكثرة، كذلك يقتضى ان لا يصدر عنه الكثرة الا بالآلات والوسائط، اما من حيث وحدة عينه الثابتة في مقام الوحدة الحقيقية فيجوز، فقوله تعالى: فعال لما يريد جواب لسؤال مقدر، علم أنه يبدو من معترض محجوب من معرفة هذا المهم المطلوب.
672 - 3 واعلم أن الموضع مناسب لنقل ما ذكره الشيخ قدس سره في النفحات من فائدة خلق العرش في نفحة محتوية على بيان كيفية تلقى امداد الحق وبأي صفة يقبلها كل موجود مركب أو بسيط، وسر البقاء والفناء والدوام والتناهي وغير ذلك، 673 - 3 قال: اعلم أن الحق سبحانه لا يصل منه أمر إلى العالم الا من حيث حضرة الجمع والوجود، ولا يتقيد الامر منها إلى شئ ما الا بسر الأحدية ولا يؤثر شئ فيما يضاده من الوجه المضاد، فلا يتأتى لشئ قبول الأثر من الحضرة الوحدانية الجمعية الا بوحدة يتصف بها وبها يتم الاستعداد لقبول اثره وبها يثبت المناسبة بينه وبين الامر والحضرة.
674 - 3 ولما كان العالم ظاهرا بصورة الكثرة ومنصبغا بحكمها، جعل سبحانه الغالب على كل شئ منه في كل آن حكم أحد الأشياء التي منها تركيب كثرته، وما سوى ذلك من اجزائه إن كان مركبا أو قواه المعنوية إن كان بسيطا يكون تابعا لذلك الامر الغالب الذي جعله محلا لنفوذ اقتداره وأمره.
675 - 3 ولما ذكرنا في الانسان شاهدان: ظاهر، وهو غلبة إحدى كيفياته وحكمها على باقي ما منه وتركبت نشأته كالصفراء أو الحرارة أو غيرهما، وباطن، وهو توحد إرادة