مصباح الأنس بين المعقول والمشهود - محمد بن حمزة الفناري - الصفحة ١٤٦
عليه من الماهيات التي هي صور تلك التعقلات المعددة للوجود الواحد - وهذا عكس الأول - لأنه استهلاك الوحدة في الكثرة. تم كلامه.
245 - 3 وعلى هذا بنى الشيخ الكبير رضي الله عنه في الفصوص: ان المصطفين - الذين أورثوا كتاب الجمع والوجود - ثلاثة (1)، فالظالم (2) من عدد الاحد بشهود تكثيرة، فله الضلال والحيرة المطلوبة أبد الآباد، إذ كماله رفع العين من البين لكثرة الأين، فقد نظر هذا العبد الأوحد إلى أحدية عين من عبد وعبد، فظلم جمع الألوهية بتفريقها وظلم نفسه بتضليلها وتحييرها في صور الفرق الحجابي، ولكن لنفسه حيث ما حصر الألوهية في الوحدة، كما لم يحصرها في مظهر، بل حار في الجميع بين كثرة النسب ووحدة الذات.
246 - 3 فالظالم على هذا هو المصطفى الذي اعطى الحق في كل حقيقة حقه.
247 - 3 والسابق من وحد العدد وحصر الألوهية في الوحدة المقابلة للكثرة، ولا شك انهم المقربون إلى جمع الاحد والمنزهون عن شتات العدد.
248 - 3 والمقتصد الجامع بين الشهودين: أعني شهود الكثرة في الاحد وشهود الواحد في أعيان العدد، أي كثرة النسب العدمية في الوجود، وبين وحدة الذات في الاله والمألوه، وتأويل هذا الوجه في النصوص الرحمة والغضب والمكر والاستهزاء والاستواء ببعض معانيه واليد والوجه والقدم والمرض والسرور والمسيس والتردد والصورة وغير ذلك، وكل هذه مما لا يحتاج إلى التأويل كما ذكروه ولا يفضى إلى التشبيه كما وهموه إذ بنيت على هذا الأصل.

(1) - قوله في الفصوص: في الفص النوحي حيث قال: ولا تزد الظالمين لأنفسهم، المصطفين الذين أورثوا الكتاب، فهم أول الثلاثة، فقدمه على المقتصد والسابق الا ضلالا الأخيرة، انتهى. أشار إلى قوله تعالى: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات (32 - الفاطر) وفسر القيصري الظالم بالفاني في الذات والمقتصد بالفاني في الصفات والسابق بالخيرات بالفاني في الافعال - خ (2) - قال القيصري: الظالم من ظلم نفسه لتكميل نفسه بعدم اعطاء حقوقها - فضلا عن حظوظها - فالظلم يشبه الذم.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست