فرغ منه. اللهم إلا أن يكونا ظنا أن عمر ينقض قضاء أبو بكر في هذه المسألة.
وهذا بعيد لأن عليا والعباس كانا في هذه المسألة يتهمان عمر بممالاة أبي بكر على ذلك. ألا تراه يصرح بأنهما نسباه إلى الكذب والغدر والخيانة فكيف يظنان أنه ينقض قضاء أبي بكر؟!
ثم إن قول عمر لعلي والعباس عن أبي بكر: فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا. ثم قال لما ذكر نفسه: فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا. فإذا كانا يزعمان ذلك. فكيف يزعم هذا الزعم مع كونهما يعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا أورث " قال ابن أبي الحديد: إن هذا لمن أعجب العجائب ولولا أن هذا الحديث مذكور في الصحاح المجمع عليها لما أطلت العجب من مضمونه. إذ لو كان غير مذكور في الصحاح لكان بعض ما ذكرناه يطعن في صحته. وإنما الحديث في الصحاح لا ريب في ذلك.
وورد أيضا أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أرسلوا عثمان إلى أبي بكر يسألنه ثمنهن. ولقد ذكرنا الرواية في ذلك.. ثم وجدنا عثمان في مجلس عمر بعد ذلك وعمر يقول: أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركناه صدقة. قالوا: نعم، ومن جملة الذين أجابوا عثمان. فكيف يعلم بذلك فيكون مترسلا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسأله أن يعطيهن الميراث.
وروى أيضا أن عمر قال لعلي والعباس: أتعلمون ذلك؟ قالوا: نعم. فإذا كانا يعلمانه فكيف جاء العباس وفاطمة إلى أبي بكر يطلبان الميراث على ما ذكر. وهل يجوز أن يقال: كان العباس يعلم ذلك ثم يطلب الإرث الذي لا يستحقه؟ وهل يجوز أن يقال: أن عليا كان يعلم ذلك ويمكن زوجته أن تطلب ما لا تستحقه. خرجت من دارها إلى المسجد ونازعت أبا بكر وكلمته بما كلمته إلا بقوله وإذنه ورأيه (1).
وإذا تم التسليم بأن النبي لا يورث. فكيف نسلم بأن النبي صلى الله عليه