خيمته ومن داخلها اتخاذ مال الله دولا. ودين الله دخلا وعباد الله خولا. وجميع ذلك تحت شعار الشورى.
والحقيقة أن ولاية الفاسق التي أقرها المحنكون فيها تساهل طويل وعريض. لأن الذي أدلى دلوه كي يخرج لنا فيه فاسقا. كان عليه أولا أن يبحث عن بئر نظيف ليخرج لنا بآخر وقد قال تعالى: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) (1)، نعم قد يكون الفاسق في الذروة ولكن وفقا للقاعدة النبوية حيث قال صلى الله عليه وسلم في قريش: " الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم " (2)، وقال: " صالحهم تبع لصالحهم وشرارهم تبع لشرارهم " (3)، فالناس لا بد لهم من شجرة يستظلون بظلها. وهناك شجرتان، وللفاسق شجرة وذروته، أما قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)، قال المفسرون: أي أن الأمر الذي يعزمون عليه فيما بينهم يتشاورون فيه لاستخراج صواب الرأي بمراجعة العقول. وصواب الرأي تمتصه العقول من قوله تعالى: (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) (4)، فهذه دائرة أصحاب الشورى، والقرآن الكريم كما سلط الضوء على الذين أمرهم شورى بينهم. سلطة أيضا على الذين فرقوا أمرهم بينهم ووضعهم في دائرة مغلقة عليهم قال تعالى في الصنف الذي رفض الأمة الواحدة والدعوة الواحدة للسبيل الحق (فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون)، ولأن لهذا الحزب سائر على امتداد السيرة لا يكل ولا يمل. قال تعالى لرسوله: (فذرهم في غمرتهم حتى حين * أيحسبون إنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) (5)، فأصحاب هذه الآية قطعوا أمرهم. وجعلوا كل قطعة منه كتابا. ثم التقط كل حزب قطعته وانطلق فرحا يقرأ في قطعته كتابه.