رسوله في قوله: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما * إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) (1).
فصلاته تعالى. انعطافا عليه بالرحمة انعطافا مطلقا. لم يقيد في الآية بشئ دون شئ. وكذلك صلاة الملائكة عليه انعطافا عليه بالتزكية والاستغفار. وقد ذكر تعالى صلاته وصلاة ملائكته عليه. قبل أن يقول: (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه) دلالة على أن في صلاة المؤمنين له. اتباعا لله سبحانه وملائكته. وقد استفاضت الروايات أن طريق صلاة المؤمنين. أن يسألوا الله تعالى أن يصلي عليه وآله. كما سيأتي. وقوله تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا)، من المعلوم أن الله تعالى منزه من أن يناله الأذى وكل ما فيه وصمة النقص والهوان. فذكره مع الرسول وتشريكه في إيذائه. تشريف للرسول. وإشارة إلى أن من قصد رسوله بسوء. فقد قصده أيضا بالسوء. فقد أوعدهم باللعن في الدنيا والآخرة. واللعن هو الإبعاد من الرحمة.
والرحمة الخاصة بالمؤمنين هي الهداية إلى الاعتقاد الحق وحقيقة الإيمان.
ويتبعه العمل الصالح. فالإبعاد من الرحمة في الدنيا. تحريمه عليه جزاء لعمله فيرجع إلى طبع القلوب كما في قوله تعالى: (ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا) (2)، وقوله: (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) (3)، وأما اللعن في الآخرة فهو الإبعاد من رحمة القرب. وقد قال تعالى: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) (4). ثم أوعدهم بأنه أعد لهم - أي في الآخرة - عذابا مهينا ووصف العذاب بالمهين. لأنهم يقصدون باستكبارهم في الدنيا إهانة الله ورسوله. فقوبلوا في الآخرة بعذاب يهينهم (5).