فيبقى في فترة زمانية واحدا، ثم يليه الذي بعده.. وهلم جرا إلى اثني عشر إماما. وإنما ورد ذكرهم بلفظ الجمع لاشتراكهم في حكم واحد، فجمعهم هذا الحكم لفظا لا زمانا، فإن كانوا مجتمعين فلهم هذا الحكم، وإن تفرقوا في الأزمان حسب التسلسل فلكل واحد منهم نفس هذا الحكم، وهو الأمر بوجوب طاعتهم.
إذا، فلا تنافي بين الإمام الواحد في زمانه وبين ذكر " أولي الأمر " في الآية بلفظ الجمع.
وأما حمل الجمع على الفرد الذي هو خلاف الظاهر، فهو أن يطلق لفظ الجمع ويراد به واحد بعينه من أفراده، دون قصد بيان حكم مشترك بين الأفراد. وهناك من النصوص ما يؤيد ذلك.
فالأمر بطاعة الخلفاء واتباع سنتهم جاء على قرار الأمر بطاعة أولي الأمر في الآية، يقول: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء.. ". فالخلفاء جمع، فلا يجوز أن يقال هو خلاف الظاهر لحمله على الفرد، إذ أننا رأينا الخلفاء الأربعة قد جاء في كل زمان واحد منهم، فلم يتناف ذلك مع لفظ الجمع " الخلفاء "، ولم يقل أحد بلزوم مجيئهم جميعا في زمان واحد، فأولو الأمر من هذا القبيل.
وأما قوله في دليله الثالث فهو: " لو كان المراد بأولي الأمر الإمام المعصوم، لوجب في قوله تعالى: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) أن يقال: فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الإمام المعصوم "!
فهذا شئ عجاب، إذ أن قوله تعالى: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) لا يعارض كون أولي الأمر هم الأئمة المعصومين الذين يجب الرجوع إليهم عند النزاع والاختلاف بعد الرسول الأكرم.
إن الله أمر برد النزاعات إلى نفسه وإلى الرسول، وهذا لا ينحصر في نزاع دون نزاع، بل يشمل كل النزاعات التي تحدث بينهم في حياة الرسول وبعد وفاته.
إذا، فالنزاعات مستمرة بعد الرسول صلى الله عليه وآله، ولا بد من حلها طبقا للوحي وما يقول به الرسول صلى الله عليه وآله، فمن الذي سيتصدى لهذا الأمر من بعد النبي صلى الله عليه وآله؟!