فقال: لا والله، حتى أرميكم بما في كنانتي وأخضب سنان رمحي، وأضرب بسيفي، وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني. وإن اجتمع معكم الجن والإنس ما بايعتكم، حتى أعرض على ربي.
فقال عمر: لا تدعه حتى يبايع.
فقال بشير بن سعد: إنه قد لج وأبى، ولا يبايعكم حتى يقتل، وليس بمقتول حتى يقتل معه أهله وطائفة من عشيرته " (1).
إن ما لم يفهمه المخالفون لأبي بكر من الصحابة - وهم شهود عيان في عصرهم، وأقرب عهدا ومكانا من تلك الحوادث، وأفضل من يدرك مفهوم الإمامة الصغرى -.
كيف يدركه دونهم من ابتعد زمانه عن زمان النبي صلى الله عليه وآله بأكثر من ألف عام؟!
يقول ابن تيمية: " الاستخلاف في الحياة نوع نيابة لا بد لكل ولي أمر. وليس كل من يصلح للاستخلاف في الحياة [يعني حياة النبي صلى الله عليه وآله] على بعض الأمة يصلح أن يستخلف بعد الموت [أي بعد موت النبي صلى الله عليه وآله] فإن النبي [صلى الله عليه وآله] استخلف غير واحد، ومنهم من لا يصلح للخلافة بعد موته، كما استعمل ابن أم مكتوم الأعمى في حياته، وهو لا يصلح للخلافة بعد موته [صلى الله عليه وآله]، وكذلك بشير بن المنذر وغيره " (2).
وعلى هذا فصلاحية أبي بكر للاستخلاف في الصلاة لا دلالة فيها على صلاحيته للخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله لإدارة شؤون الناس السياسية والاقتصادية... وغيرها، فلا تلازم بين الخلافتين.
ولهذا لم يفهم الإمام علي هذه الملازمة، بل صرح بأن أبا بكر قد تقمص ما لم له بقميص.
يقول عليه السلام: " لقد تقمصها [يعني الخلافة] ابن أبي قحافة، وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل، ولا يرقي إلي الطير " (3).