بالتدليس (1)، ذلك التدليس القبيح القادح في العدالة. قال السيوطي - في بيان تدليس التسوية -: " قال الخطيب: وكان الأعمش وسفيان الثوري يفعلون مثل هذا. قال العلائي: فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقا وشرها. قال العراقي: وهو قادح فيمن تعمد فعله، وقال شيخ الإسلام: لا شك أنه جرح، وإن وصف به الثوري والأعمش فلا اعتذار... " (2).
قال الخطيب: " التدليس للحديث مكروه عند أهل العلم. وقد عظم بعضهم الشأن في ذمه، وتبجح بعضهم بالبراءة منه " (3).
ثم روى عن شعبة بن الحجاج قوله: " التدليس أخو الكذب " وعنه: " التدليس في الحديث أشد من الزنا ". وعنه: " لأن أسقط من السماء أحب إلي من أن أدلس ".
وعن أبي أسامة: " خرب الله بيوت المدلسين، ما هم عندي إلا كذابون ".
وعن ابن المبارك: " لأن نخر من السماء أحب إلي من أن ندلس حديثا ".
وعن وكيع: " نحن لا نستحل التدليس في الثياب فكيف في الحديث؟! ".
فأذن يسقط هذا الحديث بهذا السند الذي اتفقوا في الرواية به، فلا حاجة إلى النظر في حال من قبل الأعمش من الرواة.
لكن مع ذلك نلاحظ أن الرواي عن الأعمش عند البخاري وأحمد - في أحد طرقهما - وعند مسلم والنسائي هو " أبو معاوية ". وهذا الرجل أيضا من المدلسين:
قال السيوطي: " فائدة: أردت أن أسرد أسماء من رمي ببدعة ممن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما:
وهم: إبراهيم بن طهمان، أيوب بن عائذ الطائي، ذر بن عبد الله المرهبي، شبابة بن سوار، عبد الحميد بن عبد الرحمن... محمد بن حازم أبو معاوية الضرير، ورقاء بن عمر اليشكري... هؤلاء رموا بالإرجاء، وهو تأخير القول في الحكم على مرتكب الكبائر