لأبي بكر بالبيعة له، بل يسارعوا إلى هناك إلا لتنصيب سيدهم ورئيسهم سعد بن عبادة خليفة لرسول الله، فالأنصار لم تكونوا يرون لأبي بكر حقا في أمر الخلافة، فكيف أجمعوا على بيعته؟!
روي: " أن عمر الخطاب لما سمع بخبر اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة أتى منزل النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وأبو بكر فيه، فأرسل إليه أن اخرج إلي.
فأرسل إليه: إني مشتغل، فقال عمر: قد حدث أمر لا بد لك من حضوره، فخرج إليه فأعمله الخبر...
قال عمر: فأتيناهم وكنت قد زورت كلاما أقوله لهم " (1).
فلو كانت خلافة الصديق قامت على الاجماع فهذا يفيد أن حقه في الخلافة أمر قد سملت به الجموع من قبل وسكنت له فيما مضى النفوس، ولهذا لم يكن عمر مضطرا لأن يزور كلاما ليقوله للأنصار في أمر الخلافة، وإلا فلماذا قول الزور إذا؟!
إن ما اضطر عمر لتزوير الكلام هو ما علمه من مخالفة الأنصار لهم في أمر الخلافة، وهو واضح.
فقد روي: أن الحباب بن المنذر - وهو من كبار الأنصار - كان لهم عندما اجتمعوا في السقيفة: " يا معشر الأنصار، املكوا عليكم أمركم، فإن الناس في ظلكم، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم ولا يصدروا إلا عن رأيكم، وأنتم أهل العز وأولو العدد والمنعة وذوو البأس، وإنما ينظر الناس ما تصنعون. ولا تختلفوا فيفسد عليكم أمركم، فإن أبي هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنكم أمير " (2).
ولما جاء أبو بكر وعمر إلى السقيفة، احتجا على الأنصار بأدلة تجعل الاجماع على أبي بكر ليس أولى من الاجماع على علي عليه السلام، بل تجعل الاجماع على زوج البتول عليه السلام على قمة الأولوية. لماذا؟
لأن أبا بكر وعمر احتجا على الأنصار بقرابتهم من رسول الله، إذ أنهما عشيرته .