بلغه خبر الوفاة.
وقد ذكر أن أبا بكر صلى الناس صلاة الصبح من يوم الاثنين، وتوفي النبي صلى الله عليه وآله عند ارتفاع الضحى. ولم يكن أبو بكر بالمدينة حيث كان في بيته بالسنح التي تبعد ستة عشر فرسخا عن المدينة.
ولكن السؤال الأهم هو: متى ذهب أبو بكر إلى السنح؟
يقول الطبري: " لما قبض النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم كان أبو بكر غائبا، فجاء بعد ثلاث " (1).
إذا، فغياب أبي بكر عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله من المسلمات التي لا تقبل الانكار، على أن أبا بكر غاب " ثلاثا ". وهذه الثلاث لا يمكن أن يكون تمييزها " أشهر " أو " أيام "، لأن التمييز هنا يجب أن يكون مؤنثا، إذ العدد " ثلاث " وليس " ثلاثة ".. ولذا فإما أن يكون التمييز ثلاث سنوات أو ثلاث ليال. وبالطبع لم يكن أبو بكر قد غاب ثلاث سنوات، إذا فقد غاب ثلاث ليال، على أن حساب الوقت بالساعات لم يكن معروفا في ذلك الوقت.
وعلى هذا فقد غاب أبو بكر ثلاث ليال ولم يأت إلا بعد بلوغه خبر وفاة النبي صلى الله عليه وآله، أي لم ير أبو بكر النبي صلى الله عليه وآله منذ ثلاث ليال إلا بعد وفاته عليه وآله أفضل الصلاة والسلام..
فكيف يكون صلى بالناس صلاة الصبح؟!
ولو كان أبو بكر قد صلى بالناس حقيقة، فتكون صلاته هذه قبل ثلاث ليال من وفاة النبي صلى الله عليه وآله. والسؤال الطبيعي هو: من الذي كان يصلي بالناس في مدة غياب أبي بكر؟
فإن كان النبي صلى الله عليه وآله هو الذي صلى بالناس، فيكون النبي صلى الله عليه وآله بصلاته هذه قد عزل أبا بكر، لو كان قد خلفه على الناس بالصلاة.
ولو كان يصلي في هذه المدة أحد آخر غير النبي صلى الله عليه وآله فإنه يكون هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وآله، لو كانت الخلافة بالصلاة.. هذا إن كان أبو بكر بالسنح منذ ثلاث ليال.
وأما إن لم يكن بالسنح فهو أيضا لم يكن بالمدينة ولم يصل بالناس، ذلك لأنه كان لأبي بكر غيبة أخرى عن المدينة. إذ أنه كان قد أمر مع عمر وكبار الصحابة بالانضواء