وأولو الأمر منهم، لنا بذلك على من خالفنا من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين. من ينازعنا سلطان محمد وميراثه، ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة!) (1).
فرد الحباب بن المنذر: (يا معشر الأنصار، أملوا عليكم أمركم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه، فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر، فإن أبوا عليكم ما سألتم، فاجلوهم عن بلادكم، وتولوا هذا الأمر عليهم، فأنتم والله أولى بهذا الأمر منهم، فإن دان لهذا الأمر ما لم يكن يدين له بأسيافنا. أما والله إن شئتم لنعيدنها جذعة، والله لا يرد علي أحد إلا حطمت أنفه بالسيف) (2).
انشقاق الأنصار ومبايعة أبي بكر لما رأى بشير بن سعد الخزرجي ما اتفق عليه قومه من تأمير ابن عمه سعد بن عبادة - كما يروي ابن قتيبة - قام حسدا " لسعد، وأعلن تأييده للمهاجرين واستعداده لإعطاء البيعة لهم، فقام أبو بكر ورشح عمر أو أبا عبيدة للإمارة، ولكنهما قدماه للأمر وبايعاه. ولما سبقهما إليه بشير الأنصاري وبايعه، ناداه الحباب بن المنذر قائلا ": يا بشير بن سعد، حسدت ابن عمك على الإمارة؟ قال: لا والله، ولكني كرهت أن أنازع قوما " حقا " لهم (3).
ولما رأت قبيلة الأوس ما صنعه بشير بن سعد، وعلمهم برغبة الخزرج من تأمير سعد بن عبادة، قال زعيمهم أسيد بن حضير: لئن وليتموها سعدا عليكم، لا زالت لهم بذلك عليكم الفضيلة، ولا جعلوا لكم نصيبا " فيها أبدا ، فقوموا فبايعوا أبا بكر، فقاموا إليه وبايعوه. وترى عائشة حسب ما رواه البخاري أن العامل الحاسم في إعطاء البيعة لأبيها لم يكن تحاسد الأنصار،