الموت الذي لا بد منه، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم (1)، فحملوا حملة واحدة أدت إلى استشهاد العديد منهم. وكان الحر بن يزيد الرياح أول من استشهد منهم. ثم أخذ القتال يتحول إلى مبارزات فردية، وأحيانا " كان الرجلان أو الثلاثة أو الأربعة يغيرون على الكوفيين أحدهم يضرب والآخر يحمي ظهره، فكان قتلى ابن زياد أكثر بكثير من شهداء الحسين، حتى صاح عمرو بن الحجاج الذي هاله ما رأى من كثرة قتلاهم: إنكم تقاتلون شجعان العرب وقوما " مستميتين لا يبرز إليهم أحد إلا قتلوه (2)... حتى قالوا: قاتلوا من مرق عن الدين وفارق الجماعة! (3).
فحمل جيش ابن زياد حملة واحدة على الإمام وأصحابه، فاستشهدوا واحدا " تلو الآخر حتى سقطوا جميعا " شهداء، بمن فيهم طفل الحسين الرضيع.
والذي كان الإمام عليه السلام قد حمله ليستعطف قلوب القوم وطلب منهم أن يسقوه شربة ماء، ولكنهم بدلا " من ذلك صوبوا إلى عنقه سهما "، ثم واصل القتلة وحشيتهم بتقطيع رؤوس الشهداء، وحملوها هدايا يتقاسمونها هدايا فيما بينهم، ثم رفعوها على رؤوس رماحهم متوجهين بها إلى ابن زياد في الكوفة لأخذ الأجر والمكافأت، والذي بدوره أرسلها إلى يزيد بن معاوية في الشام ومعها نساء أهل البيت عليه السلام سبايا، وفي اليوم الأول من صفر، وصل ابن زياد ورجاله دمشق، وخرج الناس إليهم يستقبلونهم بالدفوف والبوقات، وهم في فرح وسرور، وعندما رأى يزيد السبايا والرؤوس على أطراف الرماح، ضرب رأس الحسين بعصا الخيزران، ثم تمثل بأبيات ابن الزبعري:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل لأهلوا واستهلوا فرحا " * ثم قالوا يا يزيد لا تشل