وعندما علم ابن زياد عن طريق أحد العيون عن نزول مسلم بن عقيل عند هانئ بن عروة، قام من فوره باستدعاء هانئ ثم حبسه وعذبه لرفضه تسليم ابن عقيل له أو الإخبار عن مكانه. ولدى علم ابن عقيل بما حدث لهانئ، نادى بأصحابه وعبأ أربعة آلاف وسار بهم نحو قصر ابن زياد، ولكنهم بدأوا يتناقصون في الطريق حتى وصلوا إلى ثلاثمائة عند وصولهم القصر، ذلك أنه وأثناء مسيرهم، كانت أبواق ابن زياد تدور على دور الكوفة محذرة ومخوفة بقدوم جيش يزيد من الشام، فرجع ابن عقيل دون حصول مواجهة، إلا أن ابن زياد تمكن من ملاحقته واعتقاله، ثم قام بقتله مع هانئ بن عروة، ومثل بجسديهما.
وعندما وصلت هذه الأخبار إلى الإمام الحسين عليه السلام أثناء مسيره نحو العراق، تيقن مما قاله له الفرزدق (الذي كان متوجها " إلى مكة قادما " من العراق) قبل ذلك حين سأله الإمام عن الوضع في الكوفة وكانت إجابته:
(قلوب الناس معك وسيوفهم عليك)، فقام الإمام عليه السلام معلنا " لمرافقيه: (أيها الناس، لقد خذلنا شيعتنا، فمن أراد منكم الانصراف فلينصرف). فتفرقوا من حوله يمينا " ويسارا " ولم يبق معه سوى أهل بيته ونفر من أصحابه الذين رافقوه من مكة والمدينة. (وبالنظر لطبيعة الظروف السياسية الخاصة في تلك الأيام تيقن الإمام أن حركة المعارضة هذه ستمنى بالفشل العسكري، ولكن من الواضح أن هذه الحرب الغير متكافئة بين الحسين والأمويين كانت لها أسباب ودوافع معنوية أخرى لا يمكن فهمها أو تحليلها بالمنظار السياسي المتعارف) (1).
وهكذا واصل الإمام الحسين عليه السلام مسيره نحو الكوفة حتى خرجت له كتائب ابن زياد وأجبرته على النزول في منطقة قرب الفرات تدعى كربلاء، وكان ذلك في الثاني من محرم سنة 60 هجرية. ثم منع الماء عن الحسين وأصحابه وفشلت جميع المفاوضات التي دارت هناك لسبعة أيام، وكانت