ترمي هذه المفاوضات إلى إقناع الحسين لأعدائه بالعدول والتخلي عن تنفيذ جريمتهم، في نفس الوقت الذي كان يحاول فيه قادة جيش ابن زياد وعلى رأسهم عمر بن سعد بن أبي وقاص إقناع الحسين بالاستسلام ومبايعة يزيد.
وكان عمر بن سعد كارها " لقتال الحسين، ولكن إمارة الري في خراسان التي وعده بها ابن زياد في حالة إخضاعه للحسين قد أعمته عن رؤية الحق والصواب. وأما الحسين عليه السلام فقد كان موقفه النهائي: (إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما "). وفي غضون ذلك تحول 20 عشرون مقاتلا " من جيش الكوفة إلى معسكر الحسين عليه السلام: وكان من أبرز المنضوين تحت راية الحسين: الحر بن يزيد الرياحي الذي كان قائدا " لأولى الكتائب التي خرجت لمواجهة الحسين قبل وصوله كربلاء.
وفي تلك الأثناء أيضا "، كان ابن زياد يواصل إكراه الكوفيين على الذهاب إلى المعسكر اليزيدي، حتى وصل تعداد ما أرسله ثلاثين ألفا "، ولكن أكثرهم كانوا يهربون في منتصف الطريق لكراهيتهم قتال الحسين، ولم يشارك منهم في تلك الجريمة سوى أربعة آلاف أو أكثر من ذلك على حسب روايات أخرى. ويقول ابن قتيبة في ذلك: (إن ابن زياد كان إذا بعث قائدا " وأرسل معه عددا " كبيرا " من الجنود إلى كربلاء، فإنهم يصلون هناك ولم يبق منهم إلا القليل، كانوا يكرهون قتال الحسين فيرتدعون فيتخلفون) (1).
وهكذا، فقد كان اشتباك الطرفين في العاشر من محرم بعد أن تقدم عمر بن سعد نحو معسكر الحسين ورمى بسهم وقال: اشهدوا لي عند الأمير إني أول من رمى. ثم لحقه في ذلك رجاله، فلم يبق من أصحاب الحسين أحد إلا أصيب من سهامهم. فقال الحسين لأصحابه: قوموا رحمكم الله إلى