وخفت صوت البابية بعد نضال مرير وتضحيات من الجانبين كثيرة، ولجأت البابية إلى طريق جديد، هو العمل كحركة سرية بعد أن أعيتها العلانية، وفتحت البابية بذلك الباب لليهود على مصراعيه، فالحركات السرية يهواها اليهود ويتخذون منها وسيلتهم لدس أفكارهم وتنفيذ أغراضهم، ومن أجل هذا يعد الباحثون هذه المرحلة مرحلة خطيرة أعدت فيها البابية لتصبح أقرب إلى الاتجاهات اليهودية أو معبرة عنها.
وبعد فترة الستر خرجت البابية من عكا سنة 1868 م بفلسطين باسم البهائية نسبة إلى زعيمها الجديد ميرزا حسين على المازندراني (1233 - 1309 ه) الذي كان يلقب (بهاء الله) والذي كان أتباعه ينادونه (ربنا الأسمى) وكان هذا الزعيم قد هرب إلى عكا من قبل، وأصبح من قواعد البهائية توحيد الأديان السماوية في دين واحد، والقول بأن سلسلة الأديان السماوية لم تتم إلا بظهور البهاء، فهو يوحد الأديان ويتمها، وهو الذي يفسر منها ما استغلق، فهو وحده الذي يعلن ما كتمه عيسى حين قال: (إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوها الآن، وأما متى جاء روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آنية (1)). وهو وحده الذي يعلم ما احتجزه الله لنفسه في مطلع الإسلام حين قال (وما يعلم تأويله إلا الله) (2).
ويورد البهائيون أدلة من القرآن والحديث يستدلون بها على أن خروج النبي الجديد يكون من سهول سوريا، من عكا، ومن ذلك قوله تعالى (واستمع يوم ينادي المناد من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) (3) فسهول سوريا أقرب الأراضي إلى الجزيرة العربية،