- وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا (1).
- ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون (2).
وهكذا لا يقتصر الإسلام على تنظيم العلاقة بين الإنسان وربه، ولو كان الإسلام دينا فقط أي تنظيما للعلاقة بين المخلوق والخالق لا غير، لكان من الممكن أن تترك شؤون هذا الدين لله، يراقبها، ويرضى عن المطيع ويسخط على العاصي، ولكن بالاسلام جانبا كبيرا ينظم علاقة الإنسان بالإنسان، ويرتب سبل العيش في مختلف شؤون الحياة أو أكثرها، ويلزم المؤمنين بأن يتبعوا هذه النظم، وأن يبطلوا ما يخالفها، وينزلوا العقوبة بالمخالفين.
ولكن جماعة المسلمين كلها لا يمكن أن تشرف على تنفيذ أحكام الله، لانشغال كل فرد بعمله، ولعدم كفاءة البعض، ثم لأنه ليس من الحكمة ترك مسؤوليات جسام شائعة دون أن يحدد نفر لرعايتها وتنفيذها، ثم كان من الطبيعي كذلك أن كل جماعة لا بد أن يكون لها رائد، يرشدها، ويكون مسؤولا عن تنفيذ أحكام الله فيها، ويقول ابن تيمية في ذلك (3): يجب أن يعرف أن ولاية الناس من أعظم واجهات الدين، بل لا قيامة للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع، لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذ خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم. وجاء في مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
لا يحل لثلاثة يكونون في فلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم. فأوجب الرسول تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها بذلك على