وطبيعي أن كثيرات من هؤلاء الرقيقات كن يفضلن الرق على الحرية، ومما يروى في ذلك أن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة، وزهد في متاع الدنيا، واتجه للقيام بمسؤولياته الكبيرة جمع جواريه وقال لهن: إنه قد نزل بي أمر شغلني عنكن، فمن اختارت منكن العتق أعتقتها، ومن أمسكتها لم يكن لها على شئ. فبكين بكاء شديدا يأسا منه (2).
ولعل الرق القليل الذي لا يزال موجودا في بعض القصور هو من بقايا هذا النوع من الرق الصناعي.
وكان إقبال الشبان على الرقيقات عظيما مما جعل أثمانهن ترتفع ارتفاعا كبيرا فأصبح ثمن الواحدة يعادل مهر عدة من الحرائر، والسبب في هذا الاقبال أن الشاب يختار الجارية بعد خبرة، فيرى جسمها ويسمع صوتها ويختبر تجاربها وعلمها وذكائها، ولكنه حين يختار زوجة لم يكن يتاح له أن يتعرف عليها، وغاية ما يستطيعه أن يرى وجهها ويديها إن استطاع أن يقابلها مقابلة قصيرة:
ومن الرق الصناعي الذي لا يقره الإسلام ما يوجد في بعض القصور من بقايا النخاسة الأوربية التي كانت تلتقط الأطفال والشبان من إفريقية وتدفع بهم إلى مزارع أمريكا ومصانعها، وتنحرف ببعضهم أحيانا فتلقى بهم في قصور الشرق للخدمة أو الحراسة.
وبعد، لقد وضع الإسلام منذ جاء الأساس المتين لإلغاء الرق وتحرير الأرقاء، وقد ظل صوت الإسلام يزمجر حتى استجاب له العالم بعد عدة قرون من تشريعه الحكيم، إن زوال الرق هو أحد الهدايا التي قدمها الإسلام الإنسانية.