العلاقة هي العلاقة المثلى التي يرسمها الإسلام ويرغب للناس الانتماء إليها، وقد تكونت في ظل هذه العلاقة ملايين الأسر الإسلامية التي حققت من التآلف والود أسمى الأمثلة، ولكن الإسلام - كما قلنا - دين الفطرة، فهو لا يهمل واقع الحياة، وفي واقع الحياة خلافات تنشب بين الزوج والزوجة، ولا بد من أساليب للتغلب عليها قبل أن تصل إلى الفرقة وهي السلاح البتار القاسي، وقد وضع الإسلام مراحل للتوفيق بين الزوجين، أشرنا إليها آنفا، قال تعالى: " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن، واهجروهن في المضاجع، واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، إن الله كان عليا كبيرا، وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما (1) ".
وهكذا وضع الإسلام هذه الخطوات الأربعة وقسمها بحكمته السامية إلى مرحلتين، أولاهما المرحلة التي يسوي الزوجان الخلافات بينهما دون تدخل عنصر خارجي، وفي هذه المرحلة محاولات أو طرق ثلاثة مرتبة ترتيبا دقيقا، أولها الوعظ وهو علاج رقيق هادئ، يرمي إلى إعادة الحق إلى نصابه في يسر، ويشرح وجهات النظر، ويدعو لإزالة الجفة في حب وقرب، فإذا لم ينفع هذا السلاح استعمل الزوج السلاح الثاني وهو الهجر، والهجر سلاح يجمع بين اللين والشدة، فيه يسر وفيه زجر، فإذا تمادت المرأة في نشوزها، ولم تستمع لهتاف الوعظ، ولم يثنها الهجر، كان للزوج أن يستعمل السلاح الثلاث وهو الضرب إذا سمحت الظروف به، وذلك قبل أن ينكشف الستار ويلجأ الزوجان للمرحلة الثانية وهي مرحلة الحكمين، حيث يجهران بأسرارهما، ويعرضان حياتهما الخاصة لألسن الناس.