وأذكر أنني في ذلك الحفل وجدت قبولا من كثيرات من الحاضرات اللاتي تمتزن بالحكمة والهدوء، وأنا هنا أعرض هذا الرأي علي القارئ والقارئة، وأرجو أن يتدبروه لا تشجيعا على تعدد الزوجات، ولكن إدراكا أن هذا التشريع لا يخلق مشكلة بمقدار ما يحل مشكلات قائمة أو يمكن أو تقوم.
بقي أن نقول عن تعدد الزوجات إنه ليس من صنع الإسلام، وإنما هو تشريع قديم عرفته كل الحضارات وفي مقدمتها التوراة، وأقره الإنجيل إلا في حالة واحدة هي حالة الأسقف حيث لا يستطيع الرهبنة مع تعدد الزوجات فليكتف بزوجة واحدة. وقد بقي تعدد الزوجات معمولا به في العالم المسيحي حتى حرمته القوانين الوضعية. ويقول الأستاذ محمد فؤاد الهاشمي (1) (العالم الذي كان مسيحيا وأسلم): إن اعتراف الكنيسة بتعدد الزوجات بقي إلى القرن السابع عشر وإن جميع الأديان ومنها ديانة البراهمة وبوذا وعباد الوثن والمجوس، وكذلك المبادئ الوضعية، قد سايرت الحياة الواقعية، وجارت الطبيعة البشرية في شؤون الزواج، ولكن كهنة المسيحيين أبوا أن يفرطوا في مفتاح السجن، لأن في ضياع هذا المفتاح ضياعا لسلطتهم.
ولم يقبل الإسلام تعدد الزوجات على النحو الذي عرفته حضارات الماضي، بل حدده بعد أن لم يكن محدودا، ونظمه بعد أن كان لا نظام له، وقيده وكان من قبل مطلقا.
وقد أعدت جمهورية مصر سنة 1963 مشروعا للحد من تعدد الزوجات، ومن الطلاق، بعدم إباحة هذا وذاك إلا أمام القاضي مع تقديم