كما سبق أن أوضحنا، ودين الإسلام انقلاب اجتماعي وفكري لما كانت عليه البشرية قبله، فلا بد من تقديم معجزة لتكون دليلا للناس على صدق النبي.
على أنه يمكن أن يقال أن الإسلام مر بمرحلتين، كان قبل الهجرة قليل التشريعات والتكاليف فاتجه للدعوة للتوحيد وترك عبادة الأوثان، فسار على نمط أديان المرحلة الأولى من الحث على استعمال العقل والتخويف والانذار:
قال تعالى:
- أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت، وإلى الجبال كيف نصبت، وإلى الأرض كيف سطحت، فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر (1).
- إن سعيكم لشتى، فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ماله إذا تردى (2).
وبعد الهجرة - حيث التشريعات الواسعة - برزت معجزات الإسلام التي تحدثنا عنها عند الكلام عن " دعوة في الميزان " وسنزيدها هنا وضوحا.
وقد تجئ المعجزة أمرا خارقا للعادة على العموم كمعجزة إبراهيم إذ لم تحرقه النار، وكناقة صالح التي قال بعض المفسرين إنها خرجت من الصخرة أو التي كان لها شرب ولهم شرب يوم معلوم كما ورد في القرآن الكريم، وقد تجئ المعجزة من جنس شئ اشتهر في عهد المرسل إليهم كاشتهار السحر في عهد موسى، والبلاغة في عهد محمد، ولذلك تجئ معجزة موسى أشبه بالسحر