لم يقرها العزيز الحكيم، وهي كما رأيت هنات خفيفة وزلات سهلة، وهي كذلك صادرة من محمد الإنسان لا من محمد الرسول، ويقول فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت في ذلك الموضوع: أما في غير ما يبلغونه عن الله من الآراء أو الأحكام أو الأفعال الشخصية، فهم - كغيرهم - يصيبون ويخطئون، وقد عاتب الله نبيه محمدا على بعض تصرفات فعلها من تلقاء نفسه قال تعالى: " عبس وتولى أن جاءه الأعمى... " (1).
وتميل كتب التفسير إلى هذا الاتجاه ففي البيضاوي عند قوله تعالى:
" عفا الله عنك، لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين (2) ".
يقول المؤلف: عفا الله عنك: كناية عن خطئه فإن العفو من روادفه (3).
ويقول مفسر آخر عند تفسير هذه الآية ما نصه: إنه لطف الله برسوله، فهو يعجل له بالعفو قبل العتاب (4). وهذا هو الاتجاه العام في أكثر التفاسير عند الحديث عن أمثال هذه الآيات.
وإذا اتضح هذا مع محمد وهو خاتم الرسل وأشرفهم، فهو مع سواه أوضح، والتوراة تنسب لبعض الأنبياء انحرافات بالغة (5)، ونحن لا نوافق على ما جاء في التوراة الموجودة بين أيدينا لقسوة ما تنال من الأنبياء، ونلجأ للقرآن الكريم الذي بشير إلى بعض ما حدث من الأنبياء مما يخالف العصمة، قال تعالى:
- وعصى آدم ربه فغوى. ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى (6).