أن ما شاهدت إنما هو ضروب من السحر والكهانة فتكذب الرسول في دعواه، وهذا المعنى هو الذي عبر عنه القرآن بالآية: " وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون " (1). أما معجزات محمد فاتجاه آخر، إنها معجزات فيها تحد ولكن في يسر وهدوء، فاذهب إلى بيتك واخل إلى نفسك أو اجتمع بصديق، وخذ معك القرآن، أو استعرض النظم التي جاء بها محمد في مختلف الشؤون، وناقش تلك المعجزات، وتذكر أن التحدي لا يزال قائما، هل تستطيع ومعك أساطين البلاغة أن تأتوا بسورة من مثله؟
هل تستطيع - ولا تخصص لك، أو حتى مع التخصص - أن تضع أمثال هذه النظم أو تخطيطا خالدا لتنظيم في مسألة واحدة؟ فكر وتدبر أمرك بهدوء وتأن فإذا عجزت كما عجز الملايين قبلك فالإسلام يمد لك يده، ويفتح إليك بابه، ويرحب بك لتدخل في زمرة أتباعه.
وقريب من هذا ما يقوله الأستاذ العقاد (1): والنبي في الإسلام ليس بصاحب الخوارق والأعاجيب التي تشل العقول، وتهول الضمائر، وتخاطب الناس من حيث يخافون ويعجزون، ولا تخاطبهم من حيث يعقلون ويتأملون ويقدرون على التمييز.
إن معجزات الإسلام لا تزال تعيش حتى اليوم، وستظل تعيش إلى يوم الدين، وهي معجزات من طبيعة تختلف عن طبيعة المعجزات التي جاء بها الأنبياء من قبل.