فضل أبا بكر وعمر وأبا سفيان على الأمة!
ولو كان التفضيل لمقام النبي (صلى الله عليه وآله) لفضل العباس وعليا (عليه السلام) وغيرهما من بني هاشم على سائر الناس، ولأعاد الخمس وفدكا لبني هاشم لكنه لم يفعل هذا.
فالذين يفضلون في العطاء بين الناس في زماننا يسيرون على نظرية عمر، والذين يساوون في العطاء يسيرون على نظرية النبي (صلى الله عليه وآله)...
وقد استفحلت حالة تفضيل الناس لعلو شأنهم واشتدت خطورتها. بعد زمن عمر، فتدهورت الأمور لاحقا في زمن عثمان ومعاوية وفي زماننا، فذهبت المساواة وحلت محلها المحاباة والتفضيل للقرابة والصداقة والحزبية. وهذه الأمور قد نفرت جهلة الناس من الإسلام في حين جاء الإسلام بالمساواة.
قال الإمام علي (عليه السلام): أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه، والله لا أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجما، ولو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله ألا وإن إعطاء المال غير حقه تبذير وإسراف (1).
وذكر ابن أبي الحديد المعتزلي مسألة المساواة في العطاء والاختلاف في ذلك قائلا: واعلم أن هذه المسألة فقهية ورأي علي (عليه السلام) وأبي بكر فيها واحد، وهو التسوية بين المسلمين في قسمة الفئ والصدقات، وإلى هذا ذهب الشافعي رحمه الله، وأما عمر فإنه لما ولي الخلافة فضل بعض الناس على بعض، ففضل السابقين على غيرهم، وفضل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين، وفضل المهاجرين كافة على الأنصار كافة، وفضل العرب على العجم، وفضل الصريح على المولى، وقد كان (عمر) أشار على أبي بكر أيام خلافته بذلك فلم يقبل وقال: إن الله لم يفضل أحدا على أحد، ولكنه قال {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} (2) ولم