وعصبيته القرشية والحزبية (1). وروى الزبير بن بكار عن الزهري قال: لما أتى عمر بجوهر كسرى وضع في المسجد فطلعت عليه الشمس فصار كالجمر، فقال لخازن بيت المال: ويحك أرحني من هذا، وأقسمه بين المسلمين، فإن نفسي تحدثني أنه سيكون في هذا بلاء، وفتنة بين الناس. فقال: يا أمير المؤمنين إن قسمته بين المسلمين لم يسعهم، وليس أحد يشتريه، لأن ثمنه عظيم، ولكن ندعه إلى قابل، فعسى الله أن يفتح على المسلمين بمال، فيشتريه منهم من يشتريه.
قال: ارفعه فأدخله بيت المال، وقتل عمر وهو بحاله، فأخذه عثمان لما ولى الخلافة فحلى به بناته.
قال الزبير (بن بكار) فقال الزهري: كل قد أحسن عمر حين حرم نفسه وأقاربه، وعثمان حين وصل أقاربه (2).
أقول: ولا أدري من ماذا أتعجب من أخذ عثمان لجوهر كسرى الذي لا يقدر بثمن؟ أم من تعليق ابن شهاب الزهري؟
عمر واستخدام الشدة كان عمر بن الخطاب معروفا بحدة الطبع وشدته، واندفاعه السريع نحو الأحداث وإصدار القرارات، وبسبب ذلك ندم على بعض أفعاله وأوامره، كما ترى في طيات الكتاب. وقد صرح عمر بنظريته في أول خطبة له قائلا: إنما مثل العرب مثل جمل آنف اتبع قائده، فلينظر قائده حيث يقود، وأما أنا فورب الكعبة لأحملنهم على الطريق (3).