فأكثر القوم وعلي ساكت. فقال: ما تقول يا علي. قال: ما أصلحك وأصلح أهلك بالمعروف، وليس لك من هذا المال غيره. فقال: القول ما قاله ابن أبي طالب (1). وأخرج ابن سعد عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كان إذا احتاج أتى صاحب بيت مال فاستقرضه فربما أعسر فيأتيه صاحب بيت مال يتقاضاه فيلزمه، فيحتال له عمر، وربما خرج عطاؤه فقضاه (2).
وأخرج ابن سعد عن البراء بن معرور إن عمر خرج يوما حتى أتى المنبر، وكان قد اشتكى شكوى، فنعت له العسل، وفي بيت المال عكة فقال: إن أذنتم لي فيها أخذتها، وإلا فهي علي حرام، فأذنوا له (3).
وأخرج عن ابن عمر أن عمر حج سنة ثلاث وعشرين فأنفق في حجته ستة عشر دينارا، فقال: يا عبد الله أسرفنا في هذا المال (4).
وكان عمر يأتي المجزرة ومعه الدرة، فكل من رآه يشتري لحما يومين متتابعين يضربه بالدرة يقول له:
هلا طويت بطنك يوما لجارك، وابن عمك (5).
وقال السيد أحمد بن زيني دحلان مفتي مكة المكرمة: ولما رجع [عمر] من الشام ووصل إلى المدينة، انفرد عن الناس يوما ليعرف أخبارهم. فمر بعجوز في خبائها فقصدها فقالت: يا هذا: ما فعل عمر لما رجع من الشام قال: هو ذا قد أقبل من الشام، ووصل إلى المدينة، قالت: لا جزاه الله عني خيرا.
قال: ويحك! لم؟ قالت: إنه والله ما نالني من عطائه منذ ولى الخلافة إلى