والملاحظ أن السبب الذي دعا عمر بن الخطاب للصراحة أحيانا هو المنطق البدوي الحاكم في جزيرة العرب يومذاك. فكان بعض الناس يصرحون بما في قلوبهم بملء أفواههم.
ومن المعروفين بالصراحة، ولكن بدرجة أقل من عمر، معاوية بن أبي سفيان، فقد ذكر في رسالته لمحمد بن أبي بكر: كنا وأبوك فينا نعرف فضل ابن أبي طالب، وحقه لازما لنا مبرورا علينا،.. فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه حقه، وخالفه على أمره، على ذلك اتفقا واتسقا (1).
قال: قلت: يا أمير المؤمنين هلا استحدثتم سنة يوم الخندق إذ خرج عمرو ابن عبد ود، وقد كعم عنه الأبطال، وتأخرت عنه الأشياخ، ويوم بدر إذ كان يقط الأقران قطا، وهلا سبقتموه بالإسلام؟
فقال: إليك يا ابن عباس، أتريد أن تفعل بي كما فعل أبوك وعلي بأبي بكر يوم دخلا عليه. فكرهت أن أغضبه فسكت.
فقال: والله يا ابن عباس إن عليا ابن عمك لأحق الناس بها، ولكن قريشا لا تحتمله، ولئن وليهم ليأخذهم بمر الحق لا يجدون عنه رخصة، ولئن فعل لينكثن بيعته ثم ليحاربن (2). وقال عمر: أما والله يا بني عبد المطلب لقد كان علي فيكم أولى بهذا الأمر مني ومن أبي بكر (3).
وقد وقعت مناقشة أخرى بين عمر وابن عباس حول نفس الموضوع جاء فيها: " قال عمر: أتدري يا ابن عباس ما منع الناس منكم؟ قال: لا يا أمير المؤمنين. قال: لكني أدري. قال: ما هو يا أمير المؤمنين؟