ولكن أبى قومك " (1).
وروي عن ابن عباس قال: طرقني عمر بن الخطاب بعد هدأة من الليل، فقال: اخرج بنا نحرس نواحي المدينة، فخرج وعلى عنقه درته حافيا، حتى أتى بقيع الغرقد، فاستلقى على ظهره، وجعل يضرب أخمص قدميه بيده وتأوه صعداء فقلت له: يا أمير المؤمنين ما أخرجك إلى هذا الأمر؟ قال: أمر الله يا ابن عباس.
قال: قلت: إن شئت أخبرتك بما في نفسك؟ قال: غص يا غواص إن كنت لتقول فتحسن. قال: قلت: ذكرت هذا الأمر بعينه وإلى من تصيره. قال: صدقت.
قال: فقلت: له أين أنت عن عبد الرحمن بن عوف. فقال: ذلك رجل ممسك، وهذا الأمر لا يصلح إلا لمعط في غير سرف، ومانع في غير أقتار. قال: قلت: سعد بن أبي وقاص.
قال: مؤمن ضعيف. قال: فقلت طلحة بن عبد الله. قال: ذاك رجل يناول للشرف والمديح، يعطي ماله حتى يصل إلى مال غيره، وفيه بأو وكبر. قال: قلت فالزبير بن العوام فهو فارس الإسلام. قال: ذاك يوما إنسان ويوما شيطان وعفة نفس إن كان ليكادح على المكيلة من بكرة إلى الظهر حتى تفوته الصلاة. قال:
فقلت: عثمان بن عفان. قال: إن ولي حمل بني أبي معيط، وبني أمية على رقاب الناس، وأعطاهم مال الله، ولئن ولي ليفعلن، والله لئن فعل لتسيرن العرب إليه حتى تقتله في بيته، ثم سكت. قال: فقال: امضها يا ابن عباس أترى صاحبكم لها موضعا؟ قال: فقلت وأين يبتعد من ذلك مع فضله وسابقته وقرابته وعلمه.
قال: هو والله كما ذكرت، ولو وليهم لحملهم على منهج الطريق فأخذ المحجة الواضحة، إلا أن فيه خصالا، الدعابة في المجلس، واستبداد الرأي، والتبكيت للناس مع حداثة السن.