قال: كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة فتجحفوا الناس جحفا، فنظرت قريش لأنفسها فاختارت ووفقت فأصابت.
فقال ابن عباس: أيميط أمير المؤمنين عني غضبه فيسمع؟ قال: قل ما تشاء.
قال: أما قول أمير المؤمنين إن قريشا كرهت، فإن الله تعالى قال لقوم: {ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم} (1).
وأما قولك إنا كنا نجحف فلو جحفنا بالخلافة جحفنا بالقرابة، ولكنا قوم أخلاقنا مشتقة من خلق رسول الله الذي قال الله فيه {وإنك لعلى خلق عظيم} (2) وقال له: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} (3).
وأما قولك: فإن قريشا اختارت فإن الله تعالى يقول: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} (4).
وقد علمت يا أمير المؤمنين أن الله اختار من خلقه لذلك من اختار، فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفقت وأصابت.
فقال عمر: على رسلك يا ابن عباس: أبت قلوبكم يا بني هاشم إلا غشا في أمر قريش لا يزول، وحقدا عليها لا يحول.
فقال ابن عباس: مهلا يا أمير المؤمنين لا تنسب قلوب بني هاشم إلى الغش، فإن قلوبهم من قلب رسول الله الذي طهره الله وزكاه، وهم أهل البيت الذين قال الله لهم: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} (5) وأما الحقد فكيف لا يحقد من غصب شيؤه، ويراه في يد غيره؟