فقال عمر: ما أنت يا ابن عباس؟ فقد بلغني عنك كلام أكره أن أخبرك به فتزول منزلتك عندي!
قال: وما هو يا أمير المؤمنين؟ أخبرني به، فإن يك باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه، وإن يك حقا فإن منزلتي عندك لا تزول به! قال: بلغني أنك لا تزال تقول: أخذ هذا الأمر حسدا وظلما.
قال (ابن عباس): أما قولك يا أمير المؤمنين حسدا، فقد حسد إبليس آدم فأخرجه من الجنة، فنحن بنو آدم المحسود.
وأما قولك: ظلما فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحق من هو! ثم قال: يا أمير المؤمنين ألم تحتج العرب على العجم بحق رسول الله واحتجت، قريش على سائر العرب بحق رسول الله، فنحن أحق برسول الله من سائر قريش.
فقال له عمر: قم الآن فارجع إلى منزلك.
فقام، فلما ولى هتف به عمر: أيها المنصرف، إني على ما كان منك لراع حقك، فالتفت ابن عباس فقال: إن لي عليك يا أمير المؤمنين وعلى المسلمين حقا برسول الله، فمن حفظه فحق نفسه حفظ، ومن أضاعه فحق نفسه أضاع، ثم مضى. فقال عمر لجلسائه: واها لابن عباس! ما رأيته لاحى (نازع) أحدا قط إلا خصمه (غلبه) (1). نلاحظ في هذا النص قدرة فائقة عند ابن عباس على تشخيص علة هم عمر.
يقابلها قدرة عمر الدقيقة في تشخيص الناس وأهدافهم؟! انظر إلى قوله في الزبير وسعد وابن عوف وعثمان فلقد عرف بقتل الناس لعثمان وعلي (عليه السلام)، الأول لحمله آل أمية وبني أبي معيط على رقاب الناس وأخذهم مال الله دون حق.