وقال عمر إذ دخل الشام ورأى معاوية: هذا كسرى العرب، فلما دنا منه قال له (عمر): أنت صاحب الموكب العظيم؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال (عمر):
مع ما يبلغني عنك من وقوف ذوي الحاجات ببابك!...
قال (عمر): لا آمرك ولا أنهاك (1).
وبعد ما سمح عمر لمعاوية بالاحتجاب في ولايته اشتد معاوية في هذا الأمر في أيام ملكه بدعوته عبد الرحمن بن أبي ربيعة وعبد الله بن خالد بن أسيد ولم يأذن لواحد منهما مدة سنة، ولم يأذن للثاني مدة سنتين! (2) في حين كان عمر نفسه لا يحتجب، فقد جاء عن زيد بن أسلم عن أبيه قال:
خلا عمر لبعض شأنه، وقال أمسك علي الباب، فطلع الزبير فكرهته حين رأيته، فأراد أن يدخل فقلت: هو في حاجة، فلم يلتفت إلي وأهوى ليدخل، فوضعت يدي في صدره، فضرب أنفي فأدماه، ثم رجع، فدخلت على عمر فقال: ما بك؟
قلت: الزبير!
فأرسل إلى الزبير، فلما دخل جئت فقمت لأنظر ما يقول له.
فقال: ما حملك على ما صنعت، أدميتني للناس؟
فقال الزبير يحكيه ويمطط في كلامه: أدميتني! أتحتجب عنا يا ابن الخطاب!
فوالله ما احتجب مني رسول الله ولا أبو بكر! فقال عمر كالمعتذر: إني كنت في بعض شأني!
قال أسلم: فلما سمعته يعتذر إليه يئست من أن يأخذ لي بحقي منه.
فخرج الزبير فقال عمر: إنه الزبير وآثاره ما تعلم! فقلت: حقي حقك (3).