وقلائد (1). روى الزبير بن بكار في كتابه الموفقيات عن مطرف بن المغيرة بن شعبة أنه قال: وفدت مع أبي المغيرة إلى معاوية، فكان أبي يأتيه يتحدث عنده ثم ينصرف إلي، فيذكر معاوية، ويذكر عقله، ويعجب مما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة، فأمسك عن العشاء، فرأيته مغتما فانتظرته ساعة، وظننت أنه لشئ حدث فينا، أو في عملنا، فقلت له: مالي أراك مغتما منذ الليلة؟ قال: يا بني إني جئت من عند أخبث الناس، قلت له: وما ذاك؟ قال: قلت له، وقد خلوت به: إنك قد بلغت مناك يا أمير المؤمنين! فلو أظهرت عدلا، وبسطت خيرا، فإنك قد كبرت ولو نظرت إلى أخوتك من بني هاشم، فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه.
فقال لي: هيهات! هيهات! ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فوالله ما غدا أن هلك، فهلك ذكره إلا أن يقول قائل: ملك أبو بكر، ثم ملك أخو عدي فاجتهد وشمر عشر سنين، فوالله ما غدا أن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل: عمر، ثم ملك أخونا عثمان فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه فعمل ما عمل، وعمل به، فوالله ما غدا أن هلك فهلك ذكره، وذكر ما فعل، وأن أخا هاشم يصرخ به في كل يوم خمس مرات: أشهد أن محمدا رسول الله، فأي عمل يبقى مع هذا لا أم لك؟ لا والله إلا دفنا دفنا (2).
وقال الحسن بن علي (عليه السلام) لمعاوية: أنت ببيعة الرضوان كافر، وببيعة الفتح ناكث، وإنك يا معاوية وأباك من المؤلفة قلوبهم، تسرون الكفر وتظهرون الإسلام وتستمالون بالأموال (3).