وقال الأستاذ هيكل في كتابه الصديق أبو بكر: " إن أبا قتادة الأنصاري غضب لفعلة خالد إذ قتل مالكا وتزوج امرأته فتركه منصرفا إلى المدينة مقسما أن لا يكون أبدا في لواء عليه خالد. وأن متمم بن نويرة أخا مالك ذهب معه، فلما بلغا المدينة ذهب أبو قتادة، ولا يزال الغضب آخذا منه مأخذه، فلقى أبا بكر فقص عليه أمر خالد، وقتله مالكا وزواجه من ليلى. وأضاف أنه أقسم أن لا يكون أبدا في لواء عليه خالد.
قال: لكن أبا بكر كان معجبا بخالد وانتصاراته، ولم يعجبه قول أبي قتادة، بل أنكر منه (قوله)، وبذلك تكون صفحة العلاقة بين عمر وخالد سيئة قديما طواها عمر بطرده من الشام، وإخراجه من الحياة السياسية.
وكانت علاقة خالد مع ابن عوف غير جيدة، إذ سبه خالد في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) (1) فيكون ابن عوف وعمر متفقين في نظرتهما إلى خالد المحسوب على خط أبي بكر. واستمر خالد في منهجه غير مبال بمعارضة المسلمين له. فلما صالح خالد أهل اليمامة وكتب بينه وبينهم كتاب الصلح، وتزوج ابنة مجاعة ابن مرارة الحنفي، وصل إليه كتاب أبي بكر: لعمري يا ابن أم خالد، إنك لفارغ حتى تتزوج النساء، وحول حجرتك دماء المسلمين لم تجف بعد. (في كلام أغلظ له فيه) فقال خالد: هذا الكتاب ليس من عمل أبي بكر هذا عمل الأعيس (يعني عمر).
ولما كان خالد بن الوليد يحارب في العراق كتب إليه أبو بكر يأمره بالمسير إلى الشام قائلا: إني قد استعملتك على جندك وعهدت إليك عهدا تقرأه وتعمل بما فيه، فسر إلى الشام حتى يوافيك كتابي، فقال خالد: هذا عمر بن الخطاب حسدني أن يكون فتح العراق على يدي (2).