تدبيره؟ قال: لا.
قال: فما هذا الفساد الموجود في العالم؛ من سباع ضارية، وهوام مخوفة، وخلق كثير مشوهة، ودود وبعوض وحيات وعقارب، وزعمت:
أنه لا يخلق شيئا إلا لعلة، لأنه لا يعبث؟
قال: ألست تزعم أن العقارب تنفع من وجع المثانة والحصاة، ولمن يبول في الفراش، وأن أفضل الترياق ما عولج من لحوم الأفاعي؛ فإن لحومها إذا أكلها المجذوم بشب نفعه، وتزعم أن الدود الأحمر الذي يصاب تحت الأرض نافع للآكلة؟
قال: نعم.
قال (عليه السلام): فأما البعوض والبق فبعض سببه أنه جعل أرزاق بعض الطير، وأهان بها جبارا تمرد على الله وتجبر، وأنكر ربوبيته، فسلط الله عليه أضعف خلقه ليريه قدرته وعظمته، وهي البعوضة، فدخلت في منخره حتى وصلت إلى دماغه فقتلته.
واعلم أنا لو وقفنا على كل شئ خلقه الله تعالى لم خلقه؟ لأي شئ أنشأه؟ لكنا قد ساويناه في علمه، وعلمنا كل ما يعلم، واستغنينا عنه، وكنا وهو في العلم سواء.
قال: فأخبرني هل يعاب شئ من خلق الله وتدبيره؟
قال: لا.
قال: فإن الله خلق خلقه غرلا (1)، أذلك منه حكمة أم عبث؟