ومواعظهم ونحو ذلك مما اتضح معناه، فإن في ذلك عبرة لأولي الأبصار، ولا حرج عليكم في التحديث عنهم ولو بغير سند، لتعذره بطول الأمد، فيكفي غلبة الظن بأنه عنهم، إنما الحرج فيما لم يتضح معناه (1).
وقول الجزائري: وكيف تجوز قراءة تلك الكتب المنسوخة المحرفة والرسول صلى الله عليه وآله يرى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي يده ورقة من التوراة فينتهره قائلا: ألم آتيكم بها بيضاء نقية؟!
جوابه: أن ما عند أئمة أهل البيت عليهم السلام من كتب الأنبياء السابقين لم تصل إليها يد التحريف كما مر، وحينئذ يجوز التحديث عنها وإن كانت منسوخة، ولا سيما فيما يتعلق بالدعاء والمواعظ ونحوهما.
وأما نهر النبي صلى الله عليه وآله لعمر فلعله كان في بداية الدعوة، ثم رفع المنع منه لما استقرت الأحكام كما تقدم في كلام ابن حجر.
أو لعل النبي صلى الله عليه وآله علم أن عمر أراد أن يأخذ بما حوته تلك الورقة من عقائد فاسدة وأحكام باطلة أو منسوخة لا يجوز العمل بها، لا مثل الدعاء والمواعظ التي لا بأس بالنظر فيها.
أو أن النبي صلى الله عليه وآله خشي أن يعنى المسلمون بما يجدونه بأيدي أهل الكتاب من التوراة والإنجيل، فيأخذون ما لا يصح، ويعملون بما لا يجوز، فنهى عمر عن ذلك سدا لهذا الباب الذي يأتي منه الفساد.
وقوله: إن اعتقاد امرئ الاستغناء عن القرآن أو عن بعضه بأي حال من الأحوال هو ردة عن الإسلام ومروق منه.
جوابه: أنه لا نزاع بيننا في أنه لا يجوز لمسلم أن يهجر كتاب الله العزيز أو يعتقد الاستغناء عنه بغيره، وإنما الكلام في أن الشيعة الإمامية هل يعتقدون جواز الاستغناء عن القرآن بالتوراة والإنجيل كما زعم الجزائري أم لا؟