يستبعد أن يحوي علي عليه السلام ألف باب من العلم، يفتح له من كل باب ألف باب، مع قرب منزلته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكثرة ملازمته له، وطول صحبته، وكثرة مساءلته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشدة ذكائه، وقوة حافظته كما مر بيانه مفصلا؟!
هذا مضافا إلى أن عليا عليه السلام قد أحاط بعلوم القرآن كما مر من قوله عليه السلام: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت وأين نزلت.
وقوله عليه السلام: سلوني عن كتاب الله، فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل.
وقول ابن مسعود رضي الله عنه أن عليا عليه السلام أوتي علم الظاهر والباطن.
وقد تقدم (1).
هذا كله مع ما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها (2).
وأما إذا أراد أن ما جاء في الحديث من أن الجامعة هي من إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو كذب على النبي صلى الله عليه وآله، فهذا أمر لا يجزم بعدم وقوعه، فلا يصح نفيه، ولا سيما أن الأحاديث التي سقناها إليك آنفا قد دلت على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا ما كان ينتجي عليا عليه السلام فيخصه بما شاء، وكان علي عليه السلام يسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيجيبه، بل كان يبتدؤه بالتعليم ابتداءا فيفيده، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يكتب بعض ما سمعه من حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وعليه فلا استبعاد ولا غرابة في أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أملى على أمير المؤمنين عليه السلام صحيفة جامعة في الحلال والحرام، ولا سيما أن